أخبار عاجلة
تفاؤل بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في نيسان -
“الحزب” يستهدف آليات إسرائيلية -

مؤسس المدارس بأميركا.. اقتلع تمثاله لارتباطه بالعبودية

ضمن المشروع الفيدرالي للفنون، شيدت السلطات الأميركية عام 1938 تمثالا نصفيا للتاجر وصاحب العقارات الأميركي جون ماكدونوغ (John McDonogh)، المولود عام 1779 في بالتيمور بولاية ماريلاند، بمنطقة نيو أورلينز بولاية لويزيانا.

وعلى الرغم من كل ما قدمه من إسهامات خيرية تاريخية لنيو أورلينز، صنّف جون ماكدونوغ من قبل كثيرين وعلى رأسهم حركة "حياة السود مهمة" مؤخرا كأحد رموز العنصرية بسبب إرث مثير للجدل حول امتلاكه وتجارته للعبيد. ويوم 13 حزيران/يونيو 2020، عمد محتجون لتدنيس التمثال النصفي لماكدونوغ وإزالته وإلقائه بنهر الميسيسبي مثيرين بذلك غضب سلطات نيو أورلينز، وعلى رأسهم عمدة المدينة، التي لجأت لانتشال تمثاله النصفي.

لوحة تجسد أحد أسواق العبيد بأميركا قديما لوحة تجسد أحد أسواق العبيد بأميركا قديما
تجارة ماكدونوغ

عام 1800، أرسل تاجر يدعى وليام تايلور مساعده جون ماكدونوغ لنيو أورلينز للعمل هنالك لصالحه. ومع استقراره بهذه المنطقة، اتجه ماكدونوغ للحصول على الأراضي وامتلاك العبيد خلال فترة سبقت بنحو 60 عاما إجهاض العبودية على يد أول رئيس جمهوري للولايات المتحدة الأميركية أبراهام لينكولن كما ساند أيضا مشاريع الجمعية الأميركية للاستعمار.

وقد بدأ طريق الثروة لجون ماكدونوغ من خلال التجارة البحرية حيث أبحرت السفن من بالتيمور نحو نيو أورلينز محملة بسلع مثل براميل المولاس وأطواق القبعات والأواني الزجاجية والطوب والحبال والشموع والبضائع الجافة لتعود سفنه لاحقا حاملة معها سلعا أخرى كالقطن والسكر والدقيق والخشب. وخلال العام 1804، بلغ ماكدونوغ أوجه التجاري فحقق نجاحا غير مسبوق وجمع ثروة طائلة.

صورة تمثال نصفي لجون ماكدونوغ صورة تمثال نصفي لجون ماكدونوغ
شراء العقارات وتحقيق الثروة

وعلى حسب الكاتب والمؤرخ وليام ألان (William Allen)، انسحب جون ماكدونوغ من حياة التجارة عام 1807 وانتقل بدلا من ذلك لشراء الأراضي والعقارات فتمكن بفضل ذلك من مضاعفة ثروته مرات عدة. وقد كان أول ما حصل عليه الأخير مجموعة واسعة من الأراضي بغربي فلوريدا تمكن من شرائها عقب صفقة مع مسؤولين إسبان. لاحقا، امتلك جون ماكدونوغ نسبة كبيرة من الأراضي فأصبح في وقته أكبر مالك أراضٍ بالولايات المتحدة الأميركية.

من جهة ثانية، ذكرت بعض المصادر عن قيام ماكدونوغ بجمع ثروته عن طريق شراء أراضٍ بالأحياء الراقية وتأجيرها لأصحاب بيوت الدعارة قبل أن يلجأ لاحقا لشراء منازل أثرياء المنطقة بأسعار معقولة حيث فضّل هؤلاء بيع ممتلكاتهم مقابل أسعار بخسة والرحيل نحو مناطق أخرى مع انهيار مكانة هذه الأحياء. وبمرحلة ثانية، يعمد ماكدونوغ لاسترداد ممتلكاته من عند أصحاب بيوت الدعارة ليعيد للحي مكانته المرموقة مرة ثانية ويباشر بتأجير وبيع الممتلكات التي حصل عليها مقابل أسعار باهظة.

صورة للرئيس الأميركي أبراهام لينكولن صورة للرئيس الأميركي أبراهام لينكولن
إرث مثير للجدل

مع وفاته عام 1850، ترك جون ماكدونوغ ثروة قدرت بنحو مليوني دولار لكل من بالتيمور ونيو أورلينز مطالبا باعتمادها لبناء مدارس ومعاهد عمومية للفقراء سواء كانوا من أبناء البيض أو السود الأحرار لتبدأ بذلك أزمة قانونية بين ورثته حول مسألة هذه الأموال وأحقية سلطات المدينتين بها. لاحقا، خسر الورثة القضية فحصلت نيو أورلينز وحدها على مبلغ فاق 700 ألف دولار استغل لتشييد قرابة 30 مدرسة بالمنطقة حمل أغلبها اسم ماكدونوغ.

رسم تخيلي لعمليات بيع العبيد بأميركا رسم تخيلي لعمليات بيع العبيد بأميركا

أثناء مسيرته، امتلك جون ماكدونوغ العديد من العبيد إلا أنه تعاطف مع قضية تحريرهم فلجأ لبرنامج غريب عن طريق الجمعية الأميركية للاستعمار فأيد قيام العبيد بشراء حريتهم بعد سنوات من الخدمة قدرت بنحو 15 سنة وعلى إثر ذلك يتم نقل هؤلاء العبيد المحررين وإعادتهم مرة أخرى لإفريقيا وتحديدا نحو أراضي ليبيريا الحالية.

وعلى الرغم من دفن جثمانه للوهلة الأولى بمقبرة ماكدونوغ بمزرعته بغريتنا، التي ضمت قبور العديد من عبيده، ومشاريعه الخيرية التعليمية التي ساهمت في تعليم كثيرين، أثار إرث جون ماكدونوغ العديد من الانتقادات حيث برز الأخير بصورة أحد أهم مالكي العبيد بالولايات المتحدة الأميركية في وقته. وما بين ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، لجأت العديد من المدارس التي حملت اسم ماكدونوغ لتغيير تسميتها رفضا لماضيه.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى