أخبار عاجلة

"الجنود الجواميس".. هكذا ساهم الأفارقة في بناء أميركا

خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، سجّل الأميركيون ذوو الأصول الإفريقية ظهورهم بشكل لافت كعنصر هام بقوات حراسة الغابات حيث فصل هؤلاء عن البيض وبرزوا ضمن فرق خاصة بهم لعبت دورا هاما في إحداث البنية التحتية المعاصرة للولايات المتحدة الأميركية.

صورة للرئيس الأميركي يوليسيس غرانت صورة للرئيس الأميركي يوليسيس غرانت

ويعود الفضل في ذلك بالأساس لبسالة هؤلاء الجنود السود أثناء الحروب السابقة، فإضافة لبروزهم كمقاتلين شرسين بالحرب الأميركية الهندية والحرب الأميركية الإسبانية، لعب ذوو الأصول الإفريقية دورا هاما في حسم الحرب الأهلية لصالح الاتحاد.

ومع نهاية النزاع الشمالي الجنوبي عام 1865، سرّحت الولايات المتحدة الأميركية نحو مليون جندي وحافظت فقط على 160 ألفا فقط. لكن مع تزايد التهديدات والرغبات التوسعية بالمنطقة، اتجه الكونغرس الأميركي لزيادة عدد القوات فوسع دائرة الانتدابات وسن قوانين جديدة سمحت للسود بالالتحاق بالجيش.

صورة للكابتن تشارلز يانغ صورة للكابتن تشارلز يانغ

وبادئ الأمر وعلى الرغم من تواجد حوالي 160 ألفا من السود بالجيش الأميركي أثناء فترة الحرب الأهلية، لم يسمح لهؤلاء بالتواجد في صفوف القوات الأميركية زمن السلم. وعام 1866، أقر الكونغرس الأميركي قانون إعادة تنظيم الجيش فضاعف من حجمه وسمح بتكوين 6 فرق عسكرية من ذوي الأصول الإفريقية، وأعاد تنظيمهم ضمن 4 وحدات مسلحة عام 1869 تمثلت في فيلقي الفرسان التاسع والعاشر وفيلقي المشاة الرابع والعشرين والخامس والعشرين.

صورة من متنزه يلوستون الوطني صورة من متنزه يلوستون الوطني
صورة من متنزه يلوستون الوطني صورة من متنزه يلوستون الوطني

وقد لقّب هؤلاء بالجنود الجواميس، أو جنود بوفالو (Buffalo Soldiers)، من قبل السكان الأصليين بسبب قوتهم الجسدية، وقدراتهم القتالية العالية.

ومع رغبة المسؤولين بالتوسع شرقا، شاركت هذه الوحدات المسلحة التي تكونت من العنصر الإفريقي في معارك شرسة ضد قبائل السكان الأصليين وساهمت في طرد كثير منهم من أراضيهم بالتزامن مع قدوم المستوطنين البيض.

ومع تزايد الرغبة في الحفاظ على المعالم والمناطق الطبيعية تزامنا مع التوسع شرقا، وقع الرئيس الأميركي يوليسيس غرانت (Ulysses S. Grant) قرارا يوم 1 آذار/مارس 1872 لإنشاء متنزه يلوستون الوطني (Yellowstone National Park)، المصنف كأول متنزه وطني، بين ولايتي مونتانا وويمنغ. بموجب ذلك، وقعت متنزه يلوستون الوطني ومتنزهات أخرى ظهرت لاحقا كمتنزه غرانت بتسعينيات القرن التاسع عشر تحت مسؤولية وزارة الشؤون الداخلية لتتحول بذلك مهمة تأمين هذه المناطق لمشكلة عويصة خاصة مع لجوء العديد من المخربين والفلاحين لنقل أغنامهم إليها مهددين بذلك الموارد الطبيعية والنباتية بها.

صورة للرئيس ثيودور روزفلت صورة للرئيس ثيودور روزفلت

أمام هذا الوضع، تمثّل الحل في الجيش الأميركي الذي توفرت لديه الإمكانيات اللوجستية الكافية لتأمين هذه المناطق. وقبل بعث إدارة المتنزهات الوطنية من قبل الرئيس الأميركي وودرو ولسن عام 1916، أوكلت مهمة حماية المتنزهات الوطنية لفرق الجيش التي امتلكت قواعد عسكرية قريبة من هذه المناطق. وأواخر القرن التاسع عشر، تحول الجنود الجواميس لحماية هذه المتنزهات الوطنية فعلى حسب العديد من المصادر تواجد أواخر القرن 19 نحو 500 منهم بمتنزهات كيوسميت وغرانت وأوكلت لهم مهام كتلك التي أوكلت لزملائهم البيض وتمثلت أساسا في حماية المنطقة من لصوص الخشب والحرائق وتشييد الطرقات.

صورة من متنزه يلوستون الوطني صورة من متنزه يلوستون الوطني
صورة لأحد المناظر الطبيعية بمتنزه يلوستون الوطني صورة لأحد المناظر الطبيعية بمتنزه يلوستون الوطني

من جهة ثانية، أوكلت للجنود الجواميس بالمتنزهات مهمة تجربة الدراجات بغية التأكد من إمكانية استخدامها أثناء الحروب وقد ساهم ذلك في تسيير دوريات أكثر فاعلية بالمنطقة. أيضا، ساهم الكابتن تشارلز يونغ (Charles Young)، المصنف بالأسود صاحب أعلى رتبة عسكرية بالجيش الأميركي حينها، في إصلاح البنية التحتية للمتنزهات. فأثناء قيادته لإحدى الفرق العسكرية حينها، أنشأ هذا الرجل العاشق للطبيعة طرقا بغابات سيكويا (Sequoia) وجبل وايتني، كما دعم غراسة المشاتل وأبقى الصيادين والمخربين بعيدا عن المنطقة وقدم اقتراحات عديدة لمجابهة ظاهرة التصحر مساهما بذلك في دحض العديد من الأفكار الخاطئة والعنصرية حول السود.

وعمل الجنود الجواميس بمناطق عديدة كان من ضمنها هاواي. وعام 1903، رافق فيلق الفرسان التاسع الرئيس الأميركي ثيودور روزفلت أثناء حلوله بسان فرانسيسكو لزيارة متنزه يوسميت.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى