أسوأ كارثة بأميركا..أثرياء قتلوا آلافا وغاب عنهم العقاب

على مدار سنين أقبل عدد من كبار روّاد الصناعة الأميركية نحو بحيرة كونموغ (Conemaugh) ذات المنظر الخلاب والتي ظهرت بالمنطقة بفضل سد فورك الجنوبي (South Fork Dam) بولاية بنسلفانيا، وانضم هؤلاء الأثرياء الذين كان على رأسهم عمالقة صناعة الحديد والسكك الحديدية كأندرو كارنيغي (Andrew Carnegie)، وأندرو ميلون (Andrew Mellon)، وهنري كلاي فريك (Henry Clay Frick) لنادي ساوث فورك للصيد الذي ظهر بالمنطقة عام 1879 من أجل الحصول على قسط من الراحة بعيداً عن ضوضاء المدن، والتمتع بالثروات الطائلة التي جمعوها طيلة سنوات.

صورة لأندرو كارنيجي صورة لأندرو كارنيجي

وتسبب رواد الصناعة الأميركية وصانعو مجد الولايات المتحدة في سبيل الراحة والاستجمام، في واحدة من أسوأ الكوارث التي حلّت بالبلاد، فخرّبوا بعد مضي 10 سنوات فقط عن نشأة ناديهم، مدينة جونستاون (Johnstown) القريبة وتسببوا في وفاة الآلاف من سكانها.

ومع ظهوره، أنشأ نادي الصيد عدداً من الإقامات الفخمة قرب البحيرة، فأقبل نحوها كارنيغي ورفاقه لصيد السمك والتنزه والسباحة وتناول أرقى أنواع الأطعمة وتدخين السيجار.

صورة لهنري كلاي فريك صورة لهنري كلاي فريك

فيما تميّز هذا المركب بهشاشته وأرضيته غير الملائمة، فقبل ظهوره، كانت البحيرة جزءاً من نظام قناة بنسلفانيا المائية.

وبعد حصولهم على المنطقة، اتجه رواد الصناعة الأميركية لتغيير بنية المكان، فشيّدوا الإقامات الفاخرة ولجأوا بشكل لافت للانتباه لخفض سد فورك الجنوبي.

صورة لأندرو ميلون صورة لأندرو ميلون

يوم 28 أيار/مايو 1889، تساقطت على مدار 24 ساعة كميات هائلة من الأمطار، تراوحت بين 150 و250 ملم، بالمنطقة وهو ما أدى لارتفاع واضح بمنسوب المياه بسد فورك الجنوبي وهدّد بوقوع الكارثة.

وأمام هذا الوضع، حاول المسؤول عن نادي الصيد إلياس أنجر (Elias Unger) الاستعانة بعدد من المختصين لحفر قناة تصريف صغيرة، أملا في خفض منسوب المياه بالسد، إلا أن جهوده كللت بفشل ذريع حيث تدخّل الأخير بشكل متأخر.

وفي يوم 31 أيار/مايو من نفس السنة، انفجر السدّ من شدة الضغط خالقاً موجة مياه عالية بلغ ارتفاعها حوالي 40 قدماً قطعت مسافة 16 ميلاً لتدمّر مدينة جونستاون.

صورة لما تبقى من أحد أحياء جونستاون صورة لما تبقى من أحد أحياء جونستاون


وبحسب مصادر تلك الفترة، قلبت هذه الموجة العاتية عربات قاطرة تجاوز وزنها 170 ألف رطل، وحطّمت العديد من الجسور والمباني، كما تسببت في حرائق وأغرقت كثيرين داخل منازلهم.

وقد أدت الكارثة لمقتل نحو 2209 أشخاص كان من ضمنهم 400 طفل، كما تجاوزت الخسائر المادية 17 مليون دولار (أي ما يعادل 4.4 مليار دولار بوقتنا الحاضر). أيضا، سحبت المياه العديد من الجثث ونقلتها لمناطق بعيدة فعثر على بعضها بسينسيناتي بولاية أوهايو.

وعلى الرغم من هجوم بيرل هاربر عام 1941 وهجمات 11 أيلول/سبتمبر، إلا أن فاجعة فيضانات جونستاون صنفت واحدة من أسوأ الكوارث التي تسبب بها البشر بالولايات المتحدة الأميركية.

إلى ذلك، طالب كثيرون بفتح تحقيق حول الحادثة لمعاقبة المسؤولين.

وأمام المحكمة، تحدّث كارنيغي ورفاقه حول خفضهم للسد بما قدره قدم واحد وألقوا باللوم على القدر، مؤكدين أن الفيضانات قد جاءت من عند الله وأن لا علاقة لهم بما حصل.

في الأثناء، فشلت كل محاولات توجيه التهمة لرواد الصناعة الأميركية لتتم تبرئتهم من القضية، كما فضّل العديد من المحامين والقضاة تجنّب فتح قضية الفيضانات حيث تخوّف الجميع حينها من مواجهة أثرياء البلاد.

صورة تجسد هول الفيضانات بجونستاون صورة تجسد هول الفيضانات بجونستاون

وخلال السنوات الأخيرة، أعاد باحثون من جامعة بيتسبرغ (University of Pittsburgh) فتح ملف القضية، وقد أثبتت تحقيقاتهم قيام كارنيغي ورفاقه بخفض السد بنحو 3 أقدام وهو ما أدى لتراجع قدرة السد على تصريف مياه الأمطار للنصف.

وبذلك، تكون الأبحاث المعاصرة قد أثبتت تورط رواد الصناعة الأميركية بالقضية وإفلاتهم من العقاب.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى