أخبار عاجلة

"معركة السجق".. يوم خسر السوفيت ضد الفنلنديين

مع انشغال العالم بالتدخل العسكري الألماني ضد بولندا واندلاع الحرب العالمية الثانية، اجتاح ما يزيد عن نصف مليون جندي سوفيتي، مدعومين بالدبابات والطائرات، الأراضي الفنلندية في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1939 ليشهد العالم بذلك بداية ما عرف بحرب الشتاء.

وتوقع كثير من الخبراء اندلاع هذا النزاع، حيث طالب القائد السوفيتي، جوزيف ستالين، الفنلنديين بالتنازل عن جانب من أراضيهم ومناطقهم الاستراتيجية للاتحاد، الأمر الذي قوبل برفض فنلندي قاطع.

ستالين أثناء فترة تواجده بمكتبه
جنديان سوفيتيان تجمدا خلال حرب الشتاء

ومع بداية هذه الحرب، توقّع الجميع نصراً سوفيتياً سهلاً وسريعاً على الجيش الفنلندي سيئ التسليح وحصول ستالين على كل ما يريده. لكن في المقابل، جاءت النتائج مخيبة للآمال، حيث أبهر الجيش الفنلندي العالم وأبدى مقاومة شرسة فكبد السوفيت خسائر بشرية تجاوزت الـ200 ألف جندي بين قتيل وجريح ومفقود خلال 3 أشهر من القتال قبل توقيع معاهدة سلام موسكو في 12 آذار/مارس 1940.

ويحمّل المؤرخون ستالين المسؤولية عن هذه الكارثة العسكرية. فخلال السنوات الماضية، عمد القائد السوفيتي إلى التخلص من أبرز قيادات جيشه وأصحاب الخبرة العسكرية، المقدر عددهم بنحو 30 ألف عسكري، سواء عن طريق قتلهم أو نفيهم لمناطق نائية من البلاد أثناء فترة ما عرف بـ"التطهير الأعظم".

جنود فنلنديين خلال رفعهم لجثة جندي سوفيتي تجمد خلال حرب الشتاء
جنود فنلنديين

وعلى إثر ذلك، فقد الجيش السوفيتي جانباً هاماً من مكانته، حيث افتقر قادته الجدد للخبرة العسكرية وكانوا غير مؤهلين للتعامل مع الحرب السوفيتية الفنلندية وعجزوا عن توفير الإمدادات الكافية على الجبهة. وتكونت قوات الجيش الأحمر، أي الجيش السوفيتي، التي أرسلت نحو الجبهة الفنلندية من جنود جيء بهم من المناطق الدافئة بالبلاد لهذا كانوا غير قادرين على التعامل مع الشتاء الفنلندي شديد البرودة.

جندي فنلندي يحمل بندقية سوفيتية استولى عليها
إحدى الفرق العسكرية السوفيتية

وعلى الرغم من معاناتها من الطقس البارد والجوع، تقدمت القوات السوفيتية ضد الفنلنديين وحققت عدداً من النتائج الإيجابية. وفي 10 كانون الأول/ديسمبر 1939، شنّ عدد من جنود فيلق المشاة 718 السوفيتي هجوماً على أحد المعسكرات الفنلندية القريبة من قرية إيلومانتسي، وتمكنوا من طرد الفنلنديين الذين فروا على جناح السرعة تاركين نسبة هامة من عتادهم ومؤونتهم خلفهم. وهاجم السوفيت هذا المعسكر أثناء استعداد الفنلنديين لتناول طعامهم المتكون من حساء السجق الدسم، الذي اعتادوا على طبخه لمقاومة البرد.

جانب من الجنود الفنلنديين الذين قاوموا التقدم السوفيتي
جنود سوفيت أثناء استعدادهم لتناول الطعام

وبدل مواصلة طريقهم وملاحقة الجنود الفنلنديين الفارين، انهار الجنود السوفيت بفيلق المشاة 718 المنهك من التعب والجوع أمام رائحة الحساء الذي أعده الفنلنديون بمعسكرهم فتوقفوا لسد رمقهم.

واستغلت القوات الفنلندية انهماك السوفيت في تناول حساء السجق فأقدموا على تنظيم صفوفهم وحاصروا المكان قبل أن يشنوا هجوماً مباغتاً باستخدام البنادق والحراب أبادوا خلاله العشرات من جنود فيلق المشاة 718 السوفيتي واستعادوا موقعهم.

جنود فنلنديون

ولقبت هذه المعركة بشكل ساخر بـ"معركة السجق" نسبة للحساء. وفي الأيام التالية، نقل المسؤولون الألمان تقارير سرية حول هذه المعركة لمكتب أدولف هتلر. وقد جاءت هذه الفضيحة العسكرية لتنضم لسجل الفضائح العسكرية السوفيتية خلال حرب الشتاء والتي لعبت دوراً هاماً في إقناع المسؤولين الألمان بغياب الانضباط والتنظيم في صفوف الجيش الأحمر، فأثرت بذلك على قرار هتلر بالتدخل عسكرياً ضد الاتحاد السوفيتي في22 حزيران/يونيو 1941 ضمن عملية بربروسا، حيث آمن الأخير حينها بإمكانية تحقيق نصر سهل وسريع خلال أشهر معدودة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى