أخبار عاجلة
قصف متواصل على الجنوب… وأضرار جسيمة! -
موسم الاصطياف مهدّد والقطاع السياحي مشتّت -
إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري -

يوم احتلت فرنسا القلب الصناعي لألمانيا.. وتسببت بأزمة

عقب خسارتها للحرب العالمية الأولى، خضعت ألمانيا لشروط الحلفاء المنتصرين، وأجبرت على دفع ثمن السلام الذي أنهى واحداً من أسوأ النزاعات التي عرفتها البشرية.

بالتفاصيل، وافق الألمان على كل ما جاء باتفاقية فرساي لسنة 1919 التي فرضها المنتصرون. فإضافة لخسارتها لأكثر من مليوني جندي زمن الحرب، جرّدت اتفاقية فرساي الألمان من مستعمراتهم واقتطعت أجزاء من وطنهم وحدّت من تسلّحهم وأجبرتهم على دفع تعويضات خيالية بلغت قيمتها بادئ الأمر حوالي 269 مليار مارك ذهبي.

خلال العام 1922، عانت ألمانيا من مشاكل اقتصادية عديدة أجبرت بسببها على التباطؤ في سداد ما عليها من ديون، ثم تمكنت "جمهورية فيمار" أي ألمانيا ما بين عامي 1918 و1933، من دفع 10,4 مليار مارك ذهبي فقط كان جلّها على شاكلة شحنات مواد أولية كالفحم والحديد.

فيما مارست كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية ضغوطاً على فرنسا وطالبوها بسداد ديون الحرب.

لوحة زيتية تجسد توقيع الألمان على معاهدة فرساي
صورة لغلاف النسخة الإنجليزية من معاهدة فرساي

وأمام تعذّر حصوله على التعويضات اللازمة لسداد ما عليه لحلفائه بسبب تلكؤ الألمان، فضّل رئيس مجلس الوزراء الفرنسي ريمون بوانكاريه (Raymond Poincaré) اللجوء للعمل العسكري لإجبار الألمان على مواصلة الدفع.

يوم 11 يناير/كانون الأول من عام 1923، تدخل ما يزيد عن 60 ألف جندي فرنسي وبلجيكي بمنطقة حوض الرور الألمانية والتي مثّلت القلب الصناعي النابض لألمانيا بسبب احتوائها على عدد كبير من المصانع والنسبة الأكبر من موارد الفحم والحديد الألمانية.

وحال تدخّلها، أقدمت فرنسا على ترحيل عشرات آلاف الألمان العاطلين عن العمل من حوض الرور نحو المناطق الألمانية الأخرى، كما عمدت لإجبار بقية العمال الألمان على استخراج الفحم والحديد قبل نقله لفرنسا.

وبالتزامن مع كل هذا، تسبب التدخل الفرنسي البلجيكي في انهيار العملة الألمانية بالسوق العالمية.

غضب ألماني

وعلى لسان مستشارهم فيلهلم كونو (Wilhelm Cuno)، عبّر الألمان عن غضبهم من عملية اجتياح حوض الرور واحتلاله من قبل الفرنسيين والبلجيكيين. وأمام عجزه عن القيام بعمل عسكري لاستردادها بسبب ضعف إمكانياته العسكرية، وخوفاً من عودة الصراع العالمي، أمر فيلهلم كونو عمّال حوض الرور بممارسة الكفاح السلمي عن طريق الإضرابات.

كاريكاتير ألماني ساخر حول المقاومة الألمانية بالرور
عدد من الدبابات الفرنسية بمنطقة الرور
صورة لجندي فرنسي فوق قطار مليء بالفحم بالرور

ولمساندة هذه التحركات الاحتجاجية، اتخذت ألمانيا قرارا تعيسا بطباعة أعداد كبيرة من الأوراق النقدية لتوفير أجور العمال وتشجيعهم على الإضراب.
أدى إغراق السوق الألمانية بالأوراق النقدية لظهور ما يعرف بالتضخم المفرط وانهيار قيمة المارك الألماني.

في الأثناء، أثارت الإضرابات وعمليات تخريب منشآت الإنتاج بالرور غضب المسؤولين الفرنسيين الذين لجؤوا لفتح النار على العمال المضربين وقمع الحركات الاحتجاجية وفرض رقابة جمركية بين الرور وسائر المناطق الألمانية.

تعاطف دولي

أثارت عملية اجتياح حوض الرور تعاطفا دوليا مع الألمان، حيث استنكر العديد من الشعوب الأمر، فيما فضّلت الحكومات اتخاذ موقف الحياد لتجنّب الوقوع في خلافات مع الفرنسيين.

غلاف احدى الصحف الأميركية التي عنونت حول مقتل عدد من الألمان على يد الفرنسيين بالرور
صورة للمستشار الألماني فيلهلم كونو
صورة لرئيس البنك المركزي الألماني يالمار شاخت

خلال شهر أيلول/سبتمبر 1923، أعلنت حكومة المستشار الألماني الجديد جوستاف ستريسمان (Gustav Streseman) حالة الطوارئ بالبلاد، بالتزامن مع ذلك وضع رئيس البنك المركزي الألماني (Reichsbank) يالمر شاخت (Hjalmar Schacht) سياسة مالية جديدة لمحاولة التصدي للتضخم المفرط.
لاحقا، مارست بريطانيا ضغوطات اقتصادية على فرنسا، وأجبرتها على مناقشة حلّ جديد للحصول على التعويضات الألمانية والانسحاب من الرور.
جاء هذا الحل عن طريق المصرفي الأميركي تشارلز دويس (Charles Dawes) الذي وضع خطّة عرفت بخطة دويس لضمان حصول الفرنسيين على التعويضات، وقد استمر تطبيق هذه الخطة إلى حدود العام 1929، حيث تم تعويضها حينها بخطة يونغ (plan Young).

صورة لجندي فرنسي فوق قطار مليء بالفحم بالرور
صورة لجنود فرنسيين خلال استعراضهم بإحدى المدن الألمانية عام 1923
الجيش الفرنسي خلال انسحابه من دورتموند سنة 1925

في الأثناء، لم يحقق الفرنسيون والبلجيكيون النتائج المرجوة من العملية العسكرية، وفي حدود منتصف عام 1925، باشر الطرفان عملية الانسحاب من الرور والتي اكتملت يوم 25 آب/أغسطس 1925.

أثار التدخل العسكري بحوض الرور غضب الألمان الذين لجؤوا لمساندة الحزب الشيوعي والحزب النازي، كما لعبت دورا هاما في صعود أدولف هتلر الذي قاد خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1923 انقلابا فاشلا ببافاريا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى