أخبار عاجلة

قصة الأميركي "فاعل الخير" الذي أدمن بسببه عشر شعب الصين

مع وفاته يوم 29 آذار/مارس سنة 1848 عن عمر يناهز 84 سنة، امتلك الأميركي جون جاكوب آستور (John Jacob Astor) ثروة هائلة، حيث تربّع آستور على عرش التجارة الأميركية، وصنّف كأحد أبرز فاعلي الخير بالولايات المتحدة الأميركية بفضل مشاريعه الخيرية.

وخلال مسيرته الحافلة، هاجر هذا الرجل ذو الأصول الألمانية إلى الولايات المتحدة الأميركية، واستثمر في مجالات عديدة، أبرزها التجارة، حيث نقل الأخير العديد من البضائع الصينية نحو الأراضي الأميركية ووسّع امبراطوريته التجارية بفضل الأفيون خلال فترة تاريخية حساسة محققا بذلك أرباحا خيالية.

مع نهاية الحرب الثورية، هاجر جون جاكوب آستور نحو الولايات المتحدة الأميركية أملا في الحصول على فرصة حياة جديدة وتحقيق الأرباح بهذا البلد الذي كان حديث الاستقلال، مليئا بفرص الاستثمار.

رسم تخيلي لجون جاكوب آستور
صورة تعبيرية تجسد جون جاكوب آستور وعلبة أفيون

وخلال فترة وجيزة، تحوّل جون جاكوب آستور إلى واحد من أبرز التجار الناجحين بأميركا، حيث جمع هذا الرجل ثروة بفضل تجارة الفرو بين كل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا.

في الأثناء، عرفت بداية القرن التاسع عشر تزايد حدة التوتر بين الجانبين الأميركي والبريطاني، وبسبب ذلك فرضت بريطانيا حظرا تجاريا على الولايات المتحدة الأميركية سرعان ما حرم جون جاكوب آستور من تجارته مع الجانب الكندي، فضلا عن ذلك شهدت المنطقة سنة 1812 اندلاع الحرب الأميركية البريطانية التي تكبّد خلالها آستور مزيدا من الخسائر إثر تخريب القوات البريطانية لمحطاته التجارية على الحدود مع كندا.

وأمام هذا الوضع، غيّر جون جاكوب آستور وجهته التجارية ليتحول تدريجيا نحو السوق الصينية بهدف تحقيق مزيد من الأرباح، حيث مثلت الصين حينها قبلة تجارية للعديد من الأثرياء الأميركيين بفضل تنوع منتجاتها وسهولة الدخول لموانئها، فضلا عن ذلك درّت تجارة الشاي الصيني أرباحا طائلة على المستثمرين، حيث أقبل الأميركيون بكثافة على هذا المنتج بفضل الشهرة التي كسبها قبل حرب الاستقلال ضمن ما عرف بحادثة شاي بوسطن.

رسم تخيلي يجسد حادثة شاي بوسطن
رسم تخيلي لأحد الموانئ الصينية خلال القرن التاسع عشر

وخلال عمليات التبادل التجاري، وافق الصينيون على مقايضة بضاعتهم إما بالعملات الفضية أو بالأفيون، وأمام صعوبة توفير كميات كافية من العملات الفضية اتجه أغلب التجار الأجانب الذين أقبلوا على السوق الصينية لجلب الأفيون في سفنهم للحصول على السلع.

وعلى الرغم من وجود قوانين صارمة منعت بيع واستهلاك الأفيون بها، تمكن التجار الأجانب من إدخال كميات كبيرة من هذه المادة المخدرة عبر الموانئ الصينية، خاصة ميناء كانتون (Canton) عن طريق تقديم الرشوة لعمال الجمارك والمراقبين.

وبينما اعتمد التجار البريطانيون على الأفيون الهندي لدخول السوق الصينية، لجأ الأميركيون لاقتناء الأفيون من دول أخرى.

وخلال رحلته التجارية الأولى نحو الموانئ الصينية سنة 1816، نقل جون جاكوب آستور في سفنه ما يزيد عن 10 أطنان من الأفيون التركي، وقايضها بكميات هائلة من الشاي والحرير التي عاد بها نحو السوق الأميركية.

ما بين عامي 1816 و1825، نقل جون جاكوب آستور مئات آلاف الكيلوغرامات من الأفيون نحو الصين لمقايضتها بسلع أخرى محققا بذلك أرباحا خيالية جعلت منه أثرى رجل بالولايات المتحدة الأميركية عند وفاته.

بفضل إسهامات آستور وبقية التجار الأميركيين والبريطانيين، ارتفعت نسبة مدمني الأفيون بالصين، حيث أدمن عشر الشعب الصيني هذه المادة المخدرة أواخر القرن التاسع عشر.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى