أخبار عاجلة

ميقاتي: عندما يكون رئيس الجمهورية طرفاً تنزلق الجمهورية

ميقاتي: عندما يكون رئيس الجمهورية طرفاً تنزلق الجمهورية
ميقاتي: عندما يكون رئيس الجمهورية طرفاً تنزلق الجمهورية
تغيّر زمن السياسة كثيراً في لبنان بعد مضيّ ثلاثين سنة على اتّفاق الطائف، حتى أنه بات بالنسبة الى فئة لبنانية أشبه بمسنّ يتأبّط عكّازاً، أو بورقة موقّعة لا تصلح وسيلة للقراءة في حقبة الـE- learning. ليست هذه المشهدية هي نفسها التي يتبنّاها الرئيس نجيب ميقاتي، وهو لا يزال كلّما عصفت الرياح السياسية في البلاد، يدعو الأفرقاء الى مطالعة هذه "الورقة القيّمة" وحفظ تفاصيلها، وكأنها كتاب تربية وطنية وتنشئة مدنية صالحٌ لجميع الفئات والأزمان. يستشعر ميقاتي "وجع" الطائف، فيتحوّل بذاته عكّازاً كُرمى للبِرّ بـ"والد الوطن" الذي قلب صفحة الحرب وختم جرحها. وهو ينفعل، مذكّرا، كلّما راودته مشهدية "الأب المتألّم": "لا بدّ من تطبيق الطائف والدستور كاملاً، أما التفكير في الوصول الى نظام جديد ونسف الاتفاق واعتبار المرحلة مختلفة... فهل هي دعوات للعودة الى حقبة ما قبل الطائف لتنفيذه"؟

العقوق بالطائف، ليس وحده ما يشغل ميقاتي، بل المؤسسات أيضاً، ومن ضمنها القضاء الذي يعاني، وتُطلق النار على رجليه، وهو جزء من المؤسسات التي ينبغي تحصينها لحماية الدستور. والأساس أن الدستور بحماية رئيس الجمهورية المؤتمن على القسم، ورئيس الحكومة بصفته رئيساً للسلطة التنفيذية مؤتمن على المؤسسات، وأي خلل في هذا التوازن يتسبّب بخلل في الأداء السياسي والمؤسساتي، وفق ميقاتي. ولم يكن إصدار بيان السفارة الأميركية الداعي الى المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخّل سياسيّ، بعد مضيّ أكثر من شهرٍ على الواقعة، سوى "نتيجة لاستشعار الولايات المتحدة الأميركية بأن الحادثة اتخذت طابعاً سياسياً وأدت الى محاولة ضرب القضاء، فرأت ضرورة التشديد على الفصل بين المضمارين القضائيّ والسياسيّ"، بحسب ميقاتي. ويرى أن "إصدار البيان بعد شهر على الواقعة يعني أن موقف الأميركيين لا يصبّ في دعم أطراف داخليين، بقدر ما يشير الى دعم الدولة اللبنانية والحفاظ على نزاهة القضاء اللبناني. ويهدف البيان الى ضرورة الاحتكام للقضاء وعدم تسييسه. وتهتم واشنطن بدعم الجيش والمؤسسات الدستورية في لبنان. ويرى الأميركيون أن البلاد "فرطت"، بمعنى أنهم يتلمّسون ملامح انهيار ما استدعى التدخّل

يتزامن بيان السفارة الأميركية مع بيانيْن توأميْن متوازيين أصدرتهما عن مآل الأوضاع في اليمن وليبيا. وتشير هذه المعطيات، وفق ميقاتي، الى أن "الأزمة السياسية أبعد من حدود الداخل اللبناني، وهي أزمة اقليمية تشتدّ، ولا ملامح انفراج قريبة. وتستدعي الاجابة عن بانوراما المنطقة، القول إن الأزمة غير آنية"، لافتاً الى "أننا نعيش في اقليم متأزم، فالمنطقة الآمنة كانت مشروع حلّ وأضحت مشروع نزاع، ولا بد من تفعيلها ضمن اطار أمميّ. كذلك كما يشير الهجوم على الانفصالية الجنوبية في عدن الى أن الوضع يجنح نحو تأزّم مستمرّ". 

تكثر التساؤلات مع اشتداد الأزمات المحيطة والعيش في مشهدية ضبط الزناد على جبهات المحاور المتقابلة. وتطرح علامات استفهام جليّة، حول ما اذا كان ثمّة نيّات لاعادة احياء المحاور اللبنانية المتقابلة، والمقصود بها محورا الثامن والرابع عشر من آذار. ويقول ردّاً على سؤال: "لم أسمع شخصياً كلاماً خلال زيارتي الأخيرة للمملكة العربية السعودية عن اعادة احياء محور 14 آذار".

استمع ميقاتي أول من أمس الى خطابات يصفها بـ"المنتفخة" ولا جدوى منها. وكأن عشوائية اطلاق النار في الهواء، استراتيجية خاطئة، لا تؤدي إلا الى إفراغ الذخيرة. ويقول إن "رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ليس بحاجة الى سفارات تحميه، فهو من ركائز الطائفة الدرزية. ويُخطئ من يفكّر في إلغاء الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية واضعاف رئيس الحكومة سعد الحريري"

يعوّل ميقاتي على الدور الذي يضطلع به رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي يستعدّ لزيارة واشنطن. ويؤكّد أن "الجلسات الوزاريّة ستستأنف وستقوم الحكومة بعملها، ولا أحد يراهن في الوقت الحاضر على تعطيلها، اذ لا بدّ من ثبات الوضع الاقتصادي والأمني في البلاد. ويجري الحريري راهناً سلسلة اتصالات، وكان قد زار موسكو وسيزور الولايات المتحدة بناءً على طلبه. ويأتي تحرّك رئيس حكومة لبنان بغية استطلاع الوضع العام، فلا يمكن التقوقع، بل المطلوب استطلاع الوضع الاقليمي". إذاً، لا نيات لاستقالة الحريري أو الدخول في زواريب مشكلة حكومية جديدة، في رأي ميقاتي، أما اذا "عمد البعض الى استغلال الزيارة الأميركية وتنفيذ سيناريو استقالة شبيه بسيناريو سابق، فذلك سيدخلنا في أتون لا يمكن الخروج منه، والمسألة هنا ليست مسألة أشخاص".

وما بين الطيش والهوَج، والبرّ والصلاح، يستبشر ميقاتي خيراً بـ"الدور الوطنيّ والأخلاقيّ الذي يضطلع به الرئيس نبيه بري، وهو الدور الذي كان يجب أن يضطلع به الرئيس ميشال عون. فالدور الذي يؤدّيه رئيس مجلس النواب اليوم، هو عملياً دور رئيس الجمهورية. ويتصرّف عون بطريقة تناقض خطابه، فيما يتوجّب عليه جمع اللبنانيين بدل أن يغدو طرفاً في المشكلة القائمة، ما يؤدي الى مخاطر. فيكمن المأزق عندما يتحوّل رئيس الجمهورية طرفاً بدلاً من أن يغدو حكماً". وبعبارة أخرى، يقول: "في اللحظة التي يكون فيها رئيس الجمهورية طرفاً... انزلقت الجمهورية".

"ثمة انقسام عمودي في البلاد، لكن كفانا جبهات، وأنا مع نشر روح الوطنية"، دعوة ميقاتي الى الساسّة اللبنانيين، يستمدّها كـ"وصيّة أبويّة" منبثقة من روحيّة الطائف. ويخلص الى أنه "لا بد من التعالي على الجراح وعدم استخدام حادثة قبرشمون وقوداً يؤدي الى انفجار البلاد. لا بد من العودة الى القضاء، والحرص على نزاهة التحقيق"، متسائلاً: "نتعاطف مع ضحايا قبرشمون، ولكن... هل المجلس العدلي من شأنه أن يحقّق العدالة أكبر من المحاكم الأخرى"؟

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى ترجيح الخيار الرئاسي الثالث يتصدر جدول أعمال “الخماسية”

معلومات الكاتب