الحريري المُعتكف.. غير مدرّب على الإعتكاف!

الحريري المُعتكف.. غير مدرّب على الإعتكاف!
الحريري المُعتكف.. غير مدرّب على الإعتكاف!
تحت عنوان: "الحريري المعتكف... غير مدرَّب على الاعتكاف"، كتب نقولا ناصيف في صحيفة "الأخبار": بعد تعثُّر جهود الأيام الأخيرة، ما بات مؤكداً ليس عدم التئام مجلس الوزراء في وقت قريب فحسب، بل أيضاً ترك حادثة البساتين معلقة إلى أمد مماثل. أما الرئيس سعد الحريري، فتتجاذبه إجازة تلو أخرى.

صاحب موقف الاعتكاف وقراره هو رئيس الحكومة الذي يرفض دعوة مجلس الوزراء إلى الالتئام ما لم يُعدّ له جدول الأعمال الذي يرضيه، ويُستثنى منه ما يمتنع عن إدراجه فيه. يطبّق الرئيس سعد الحريري بذلك صلاحيتين ناطتهما به المادة 64 من الدستور، هما دعوة مجلس الوزراء إلى الاجتماع ووضع جدول أعماله. لا شريك له في الدعوة العادية الدورية لكون المادة 53 تمنح رئيس الجمهورية صلاحية موازية مشروطة بظروف استثنائية وضرورية، فيدعو هو المجلس إلى الانعقاد بالاتفاق مع رئيس الحكومة. أما الصلاحية الثانية لرئيس الحكومة وفق المادة 64، فلرئيس الجمهورية شراكة جزئية فيها تقضي باطلاعه مسبقاً على جدول الأعمال. الواضح، منذ اتفاق الطائف أن جدول الأعمال يوضع بالتنسيق وتبادل البنود في مؤسستين مستقلتين، إحداهما المديرية العامة لرئاسة الجمهورية والأخرى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

على نحو كهذا، تتداخل إلى حد بعيد صلاحيتا الدعوة وجدول الأعمال بين الرئاستين الأولى والثالثة. تبعاً لهذا التداخل، لا يسع رئيس الحكومة، المتمكن من صلاحيته، إنكار صلاحية فوضها الدستور إلى رئيس الجمهورية، لكن يقتضي اتفاقه معه على تطبيقها، مع أن تفسير عاملي الاستثناء والضرورة اللذين تشترطهما المادة 53 كي يدعو رئيس الجمهورية - لا رئيس الحكومة - مجلس الوزراء إلى الالتئام ليس واضحاً تماماً، ويشوبهما الغموض والالتباس، ما يتيح الاجتهاد في تفسير كل من الرئيسين نطاق تطبيق الصلاحية تلك. إذ إنّ حادثة البساتين، بكل التداعيات التي انطوت عليها، وقد أوشكت على إشعال نيران طائفية ومذهبية وأهدرت دماً درزياً - درزياً في الشارع، تستحق التئام مجلس الوزراء تبعاً للمادة 64 كما للمادة 53. هنا، ينشأ الالتباس بإزاء تفسير النطاق الممنوح لرئيس الحكومة للموافقة على الدعوة الاستثنائية والضرورية للانعقاد: مقيِّدة أم استنتسابية؟ طُرحت الإشكالية نفسها في ما مضى حيال وضع جدول أعمال مجلس الوزراء، واطلاع رئيس الجمهورية عليه: اطلاع مقيِّد أم لأخذ العلم فحسب؟
كل ما شاع البارحة بين رئاستي الجمهورية والحكومة كان يدور في هذه الحلقة المفرغة. لا يسع أحدهما استخدام صلاحيته بمفرده، ولا فرض تطبيقها على الآخر. يكفي أن يحضر رئيس الدولة جلسة ويترأسها كي يتحكم بمفتاح اقفالها. كذلك رئيس الحكومة إذ يغادرها.

 

إلى اليوم، منذ حادثة البساتين كما جملة المتاعب الناشبة علناً وسراً بين الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، حاذر رئيس الحكومة إظهار رئيس الجمهورية طرفاً فيها، مباشراً على الأقل، من غير أن يستبعد، في قرارة نفسه في أحسن الأحوال، الاعتقاد بأن الرئيس ميشال عون يدعم كل ما يدلي به صهره أو يقدم عليه. في الأسبوعين الأولين اللذين تليا الحادثة، وافق رئيس الجمهورية رئيس الحكومة على تجنيب مجلس الوزراء عقد جلسة ينقسم فيها على نفسه ويُشلّ، في مرحلة كان الخلاف بين عون ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في ذروته بسبب باسيل كما بسبب حليفه النائب طلال أرسلان.

طوال ذلك الوقت لم تُثر مرة صلاحية رئيس الجمهورية بدعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، وفق مقتضيات المادة 53، لمعالجة المشكلة الأمنية الطارئة الضرورية، ذات المنحى المذهبي، إلى أن أضحى الاعتكاف سبباً إضافياً في مراكمة الصعوبات الداخلية وتسعير الخلاف على حادثة البساتين.

مع أن للحريري أن لا يدعو مجلس الوزراء إلى الاجتماع، سواء أصابت حجته أو أخطأت، ويتذرع متأخراً بممارسته صلاحياته الدستورية، إلا أنه وصل إلى قرار الاعتكاف متأخراً، غير مدرّب عليه كفاية، في توقيت سياسي وشعبي غير ملائم، ناهيك بأحداث متلاحقة تفرض عليه عدم الانكفاء. في كل مرة تصدر مواقف من محيطه تلوّح باحتمال استقالته أو اعتكافه في معرض تخويف خصومه، يسارع محيطون آخرون إلى إنكارها والتمسك ببقائه في السرايا.

 

 

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى ترجيح الخيار الرئاسي الثالث يتصدر جدول أعمال “الخماسية”

معلومات الكاتب