أخبار عاجلة
إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري -
ريفي: نموذج “الحزب” هو عنوان لهدم الدولة -
تكريم سفير لبنان لدى دولة الإمارات -
هذا ما يستعدّ له “الحزب” وإسرائيل -
غارات عنيفة على طيرحرفا ومارون الراس -
الصليب الأحمر يحيي الذكرى الـ39 لشهدائه -

شيخ الفاتيكان... وبابا الأزهر

شيخ الفاتيكان... وبابا الأزهر
شيخ الفاتيكان... وبابا الأزهر
 لا شك في أن ما قاله كل من قداسة البابا فرنسيس وسماحة شيخ الأزهر الدكتور احمد الطيب، قبل توقيعهما وثيقة "وثيقة الأخوّة الإنسانية"، التي  أنّ "العلاقة بين الشرق والغرب هي ضرورة قصوى لكليهما، لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها، ليغتني كلاهما من الحضارة الأخرى عبر التبادل وحوار الثقافات"، من أرض دولة عربية هو كلام تاريخي، يستعيد تجارب الماضي ويستفيد من دروس الحاضر ليبني للمستقبل، الذي إما "أن نبنيه معًا - أي المسيحيون والمسلمون - أو لا مستقبل".

ودعا البابا إلى حماية الحرية الدينية في منطقة شهدت تصاعداً في العنف والتعصب في السنوات الاخيرة، مع بروز جماعات متطرفة وفي مقدّمها تنظيم "داعش". واعتبر انّ استعمال اسم الله "لتبرير الكراهية" هو "تدنيس خطير" لاسمه، مشدّداً على أنّ العنف لا يمكن تبريره دينياً.

وطالبَ بحق المواطنة نفسه لجميع سكان المنطقة، قائلاً: "أتمنّى أن تبصر النور، ليس هنا فقط بل في كلّ منطقة الشرق الأوسط الحبيبة والحيويّة، فرصٌ ملموسة للقاء: مجتمعاتٌ يتمتّع فيها أشخاص ينتمون إلى ديانات مختلفة بحقّ المواطنة نفسه".

في موازاة ذلك، كرّر البابا دعوته إلى وقف الحروب في اليمن وليبيا وسوريا والعراق، ورأى انّ "سباق التسلّح، وتمديد مناطق النفوذ، والسياسات العدائيّة، على حساب الآخرين، لن تؤدّي أبداً إلى الاستقرار". كما دعا إلى أن "نلتزم معاً ضدّ تقييم العلاقات في وزنها الاقتصادي، وضدّ التسلّح على الحدود وبناء الجدران وخنق أصوات الفقراء".

أما شيخ الازهر، فأكد في في كلمته أنّ «وثيقة الأخوة الإنسانية نداء لضمير الإنسان الحي لنَبذ العنف البغيض واحتقار التطرّف الأعمى". ورأى "أنّ أزمة العالم هذه الأيام تتمثّل في غياب الضمير الإنساني".

وقال: "الأديان الإلهيَّة، بريئة كل البراءة من الحركات والجماعات المسلَّحة التي تُسمَّى حديثاً بـ "الإرهاب"، كائناً ما كان دينها أو عقيدتها أو فكرها، أو ضحاياها، أو الأرض التي تُمارِس عليها جرائمَها المنكرة... فهؤلاء قتلة وسفاكون للدّماء، ومعتدون على الله ورسالاته... وعلى المسؤولين شرقاً وغرباً أن يقوموا بواجبهم في تَعقُّب هؤلاء المعتدين والتصدّي لهم بكل قوة، وحماية أرواح الناس وعقائدهم ودور عباداتهم من جرائمهم». وأشار الى انّ «المسيحية احتضنت الإسلام عندما كان ديناً وليداً". 

واكد أنّ المسيحيين جزء من هذه الأُمّة، وهم مواطنون ولسوا أقليَّة. وأضاف متوجّهاً الى المسيحيين في الشرق: "أرجوكم أن تتخلصوا من ثقافة مصطلح الأقليّة الكريه، فأنتم مواطنون كاملو الحقوق والواجبات، واعلموا أنّ وحدتنا هي الصخرة الوحيدة التي تتحطّم عليها المؤامرات التي لا تفَرّق بين مسيحي ومسلم إذا جد الجد". ودعا المسلمين في الشرق الأوسط إلى حماية الطوائف المسيحية. 

وتوجّه الى المسلمين في الغرب قائلاً: "إندمجوا في مجتمعاتكم اندماجاً إيجابيّاً، تحافظون فيها على هويتكم الدينيّة كما تحافظون على احترام قوانين هذه المجتمعات، واعلموا أنّ أمن هذه المجتمعات مسؤولية شرعية، وأمانة دينية في رقابكم تُسألون عنها أمام الله تعالى". 

قد يكون مسيحيو لبنان ومسلموه هم أكثر الناس قاطبة، شرقًا وغربًا، فهموا الرسالة التي أطلقها كل من المرجعيتين الدينيتين، المسيحية والأسلامية، من دولة إسلامية، لأنهم في الواقع يعيشون روحية هذه الرسالة، لأنهم الأقرب إلى الأهداف التي حرّكت إندفاعة هذه الوثيقة، والتي عبّر عنها الرجلان بواقعية وإنفتاح على الآخر المختلف، مع حفاظ كل من الذين يؤمنون بالديانتين السماويتين على معتقداته الإيمانية، التي تجمع على وحدوية الإنسان بأبعاده الكونية، بدءًا بالتفكير الجدي والعملي لوقف العنف ومكافحة الإرهاب، من خلال تعميم ثقافة التسامح والإبتعاد عن العدائية المجانية، وتعزيز مشاريع التنمية الهادفة إلى التخفيف من حالات الفقر التي تجتاح العالم، والتي تساعد على تفاقم الجهل والتعصب وتنامي الفكر الآحادي والتعصبي.

فمسيحيو لبنان قرأوا ما بين سطور شيخ الازهر، وكذلك فعل مسلموه بالنسبة إلى كلام البابا، وهم الذين يتبادلون مفاهيم مشتركة، إذ غالبًا ما يستشهد المسيحيون بآيات قرآنية ويحاولون تجسيدها من خلال أعمال الرحمة، وكذلك يفعل المسلمون، الذين يجدون في الانجيل من تعاليم تدفعهم إلى المزيد من التقرب إلى الآخر ومساعدته، تمامًا كما فعل السامري مع المحتاج إلى المساعدة، وهو ما لم يفعله اليهودي، والتعمق في المحبة كحب القريب كالنفس.

فبعد هذه الوثيقة التاريخية، وبعد الكلام غير المسبوق، الذي قيل من ابو ظبي، تجعلنا نتفاءل بمستقبل نصنعه معًا، وتبادل الأدوار بالمعنى المجازي، فيكون البابا فرنسيس شيخًا للأزهر، ويصبح الشيخ ابو الطيب بابا الفاتيكان.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بري “المستاء” يلتزم الصمت ولا يساجل الراعي

معلومات الكاتب