الوباء يطيح بفريدريك ترامب
وأسفرت الإنفلونزا الإسبانية وحدها، خلال شهر تشرين الأول 1918، عن وفاة زهاء 200 ألف أميركي. ومن ضمن ضحايا هذا الوباء، دوّن التاريخ اسم رجل الأعمال الأميركي ذي الأصول الألمانية فريدريك ترمب (Frederick Trump) جدّ الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب.
وبادئ الأمر، توقع الأطباء إصابة فريدريك ترامب بالتهاب رئوي قبل أن يتراجعوا ويؤكدوا إصابته بمرض الإنفلونزا الإسبانية الذي سجّل ظهوره بالبلاد منذ فترة وجيزة. وخلال اليوم التالي، فارق فريدريك الحياة عن عمر يناهز 49 سنة، ليكون بذلك من أوائل الأميركيين الذين توفوا بسبب هذا الوباء العالمي.
استنفار أميركي
ومع تفشي الإنفلونزا الإسبانية، لم تكن الولايات المتحدة مستعدة لتحمل أعداد الموتى المرتفعة التي قدرت ما بين عامي 1918 و1920 بنحو 675 ألف شخص.
وبحسب شهادات عدد من أهالي مدينة بالتيمور، حلّت الممرضات يومياً بمنازل المصابين لتفقدهم ورفع جثث الموتى. وقد اضطر المرضى أحيانا للمكوث بنفس الأسرّة بجوار جثث ضحايا الوباء.
ومع تزايد أعداد الموتى، عانت أغلب المدن الأميركية من نقص فادح في حفّاري القبور الذين تغيّبوا عن عملهم إما بسبب إصابتهم بالمرض أو خوفا من انتقال العدوى إليهم.
الطاعون الأسود
وفي عدد من مدن كنيو برونزويك بولاية نيوجيرسي، لجأت السلطات المحلية لإجبار السجناء على القيام بحفر القبور لمجابهة تكدّس الجثث. أما بمدينة بالتيمور، فقد اضطرت السلطات للاستعانة بخدمات عدد من المتطوعين لدفن جثث 170 شخصاً فارقوا الحياة قبل نحو 3 أسابيع.
تدابير وقائية صارمة
وبينما لجأ البعض لإستخراج التوابيت القديمة من تحت الأرض وإفراغها من محتوياتها لاستخدامها مرة ثانية، أمر المسؤولون بعدد من المدن الأميركية بصناعة توابيت عادية ورقيقة بهدف توفير كميات من الخشب وتسريع عملية صناعتها.
وبمدينة فيلاديلفيا، كان الوضع أشبه بفترة الطاعون الأسود بالعصور الوسطى. فمع بلوغ الوباء لأوجه، وصل عدد الذين يفارقون الحياة يوميا إلى ألف من سكان المدينة، وتكدس ما لا يقل عن 500 جثة يومياً في مشرحة المدينة التي كانت تتسع لـ36 جثة فقط.
ولتجنب انتقال العدوى، فرضت بعض المدن الأميركية قوانين صارمة منعت من خلالها المراسم الجنائزية وألغت العديد من المناسبات والاحتفالات التي تميّزت بتجمهر أعداد كبيرة من المواطنين خلالها.