اللجنة الدستورية السورية.. تبادل اتهامات يعلق المفاوضات

لم تتمكن الأطراف السورية من مواصلة أعمال اللجنة الدستورية بمدينة جنيف السويسرية نتيجة الخلافات الكبيرة بين الوفدين اللذين يمثل أحدهما النظام السوري والآخر معارضته، إلى جانب وفدٍ ثالث يمثّل المجتمع المدني في البلاد التي تشهد حرباً طاحنة منذ سنوات.

وقال المتحدّث باسم وفد المعارضة المعروف بـ "الهيئة السورية للتفاوض" إن "النظام يريد منّا أن نضعه فوق أي اعتبار، لكن نحن من جهتنا نريد أن يضع النظام سوريا فوق أي اعتبار، وهنا يكمن التصادم الحقيقي بيننا".

وأضاف يحي العريضي في مقابلة مع "العربية.نت" و"الحدث.نت" من جنيف أننا "نضع سوريا وشعبها وحريته وديمقراطيته فوق أي اعتبار في دولة ذات سيادة مستقلة، لا احتلال أو استبداد فيها، لكن هاجس النظام هو بقاء تلك المنظومة الاستبدادية رغم كل الجرائم التي ارتكبها".

"نريد دستورا جديدا لسوريا"

وتابع "نريد دستوراً جديدا لسوريا، دستور لا يسمح بأن تمرّ على سوريا 9 سنوات دامية ومؤلمة وموجعة كما هذه السنوات، نريد دستوراً يحفظ كرامة الإنسان وفيه فصل للسلطات، لا تغوّل أو مركزية في السياسة".

ورأى المتحدّث باسم "الهيئة السورية للتفاوض" أنه "رغم إلغاء المادة الثامنة في الدستور من قبل النظام، إلا أنها مورست ميدانياً واستخدمها الحزب لتعزيز حالة الاستبداد".

وفي العام 2012، أجرى النظام السوري بعض التعديلات الدستورية، حيث ألغى المادة الثامنة من الدستور والتي تقرّ بأن حزب "البعث العربي الاشتراكي" هو "قائد الدولة والمجتمع".

الرئيس المشترك للجنة عن المعارضة هادي البحرة الرئيس المشترك للجنة عن المعارضة هادي البحرة

ويختلف كلّ من وفد النظام ومعارضته على خطوطٍ عريضة، فالأول يتمسك بالدستور الحالي ويريد فقط تعديل بعض بنوده، بينما الثاني يريد دستوراً "جديداً".

اتهامات متبادلة

وُعلّقت المفاوضات بين الطرفين في جولتها الثانية والتي لم تبدأ رغم محاولات المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون والّذي كان قد حدد موعداً لإجرائها يوم 25 من الشهر الجاري.

وكشف العريضي لـ"العربية.نت" عن أن "أسباب تعليق هذه المفاوضات هو الاتهامات المتبادلة بالنسبة لتحضير جدول أعمال هذه اللجنة". وقال إنه "بحسب القواعد الإجرائية، يقدم الرئيسان المشتركان اقتراحات بجداول أعمال قبل 72 ساعة من بدء الجلسة، وبالنسبة لوفد الهيئة السورية للتفاوض، كنا قد قدّمنا بالفعل الاقتراحات قبل 72 ساعة، أي يوم 21 من هذا الشهر، بينما تاريخ الجلسة، فكان يوم الخامس والعشرين".

من اجتماعات اللجنة (فرانس برس) من اجتماعات اللجنة (فرانس برس)
بيان سياسي بدل جدول أعمال

وتابع: "في صبيحة الخامس والعشرين من هذا الشهر، جاء الرئيس المشترك لوفد النظام، وقدّم، لكن ليس جدول أعمال، بل بياناً سياسياً اختبارياً سمّاه جدول أعمال لكنه أطلق عليه (الثوابت الوطنية)"، مشيراً إلى أنه "لم يحتو أي تفصيلات، بل طلب التوافق على (الثوابت الوطنية) وكأن رئيس وفد النظام يريد أن يختبر وطنية الآخرين وهذه مزايدة نعرفها تماماً".

ورد العريضي على ما تداولته وسائل إعلام النظام مؤخراً، قائلاً إن "وسائل إعلامه تحدثت عن إدانة الإرهاب، لكن أكثر من عانى من الإرهاب هو شعب سوريا وأكثر من استفاد منه واستخدمه كذريعة لقتل الشعب هو النظام. ومن جلب المليشيات هو الذي يستفيد من الإرهاب واذا كان هناك من إرهاب، فهو إرهاب الدولة الذي استخدم البراميل والصواريخ والتشريد والقتل والدمار والاعتقال في سوريا".

رفع العقوبات

وكشف العريضي أيضاً عن أن "وفد النظام يريد رفع العقوبات المفروضة عليه معتبراً أنها من (الثوابت الوطنية)". وأضاف أن "تلك العقوبات مشروطة حسب هؤلاء الذين فرضوها، ببدء العملية السياسية، لكن حين يعرقل النظام العملية السياسية، فهو يساهم باستمرار هذه العقوبات. ونحن لا نريد لهذه العقوبات أن تكون موجودة وأن تطال شعبنا، فهي فعلاً تطال الشعب السوري، بينما لا تطال منظومة الاستبداد".

من اجتماعات اللجنة (فرانس برس) من اجتماعات اللجنة (فرانس برس)

وتابع أن "وفد النظام يطالب أيضاً بإدانة الاحتلال، لكن نحن من جانبنا لا نريد أن نرى قدماً أجنبية على الأرض السورية وإذا كان من احتلال يدان، فهو الاحتلال الإيراني والروسي اللذان تسببا باستمرار هذا النظام". وكذلك اتهم العريضي النظام بأنه يسعى إلى "عرقلة عمل اللجنة الدستورية وإضاعة الوقت".

وأوضح أن "النظام منذ البداية يرفض عمل اللجنة ولو لم يكن الأمر بالنسبة للروس، لما جاؤوا إلى هذه المفاوضات ونحن ندرك تماماً ونعرف الضغط الروسي عليه ونعرف أن الروسي ذاته مضغوط لأنه لا يريد إلا حلاً على مقاسه ومقاس مصالحه ومصالح النظام، وهذا ما لن نسمح له".

3 مقترحات

وبحسب العريضي فإن الوفد المعارض كان قد قدّم ثلاثة مقترحات لجدول أعماله يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري وكان يتحدث عن "مقدمة الدستور والمبادئ الأساسية كبداية لمناقشتها في المفاوضات"، على حدّ تعبّيره.

وانسحب يوم أمس، وفد النظام من المفاوضات وغادر مقر الأمم المتحدة، لكنه بدوره وصف وفد المعارضة بأنه "وفد النظام التركي" واعتبر أنه "لا يهدف إلا لإضاعة الوقت"، كما جاء على لسان رئيسه أحمد الكزبري في مؤتمرٍ صحفي.

ويطالب هذا الوفد بإدانة الهجوم التركي على سوريا واعتباره "احتلالاً"، كما أنه يطالب أيضاً بإدانة الإرهاب واعتبار كلّ من حمل السلاح خارج مؤسسات النظام "إرهابياً".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى أوكرانيا تلاحق الصحفيين لإخفاء الحقائق