قصة العملية التي أنهت وجود هتلر في جنوب فرنسا

أثناء فترة تخطيطهم لإنزال نورماندي، اتجه الحلفاء لوضع خطة ثانية للقيام بإنزال آخر بجنوب فرنسا لزيادة الضغط على الألمان وتعجيل خروجهم من الأراضي الفرنسية. وقد ظهرت فكرة هذا الإنزال الثاني بالجنوب منذ العام 1942 عقب اقتراح تقدم به الجنرال الأميركي جورج مارشال (George Marshall). وبينما استحسن القائد السوفيتي جوزيف ستالين الأمر أثناء مؤتمر طهران سنة 1943 مصنفاً هذه العملية كجزء لا يتجزأ من عملية أوفرلورد (Overlord)، رفض رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل (Winston Churchill) الفكرة واعتبرها إهداراً لأرواح الجنود مفضلاً بدلاً من ذلك القيام بعملية عسكرية باتجاه البلقان.

لوحة زيتية تجسد القائد السوفيتي جوزيف ستالين
صورة للجنرال الأميركي جورج مارشال

في الأثناء، حظيت عملية الإنزال بجنوب فرنسا، التي لقبت بادئ الأمر بعملية أنفيل (Anvil) وسميت لاحقاً بعملية دراغون (Dragoon) بدعم الجنرال الأميركي دوايت أيزنهاور، حيث أكد الأخير حينها أن العملية ستوفر في حال نجاحها ميناءين إضافيين بكل من تولون ومرسيليا للحلفاء كما نوّه لقدرة الإنزال على إرباك الألمان ودفعهم للتراجع وتقليل الضغط على الأميركيين والبريطانيين بشمال فرنسا.

صورة لنزول الجنود الأميكريين على الشواطئ بجنوب فرنسا ضمن عملية دراغون
صورة لعملية انزال عدد من المدرعات الأميركية على الشواطئ الفرنسية ضمن عملية دراغون

وخلال الفترة التالية، أجبر الحلفاء على تأجيل موعد عملية دراغون لأشهر عديدة بسبب تأخر تقدمهم العسكري بإيطاليا وافتقارهم لسفن الإنزال البحري وناقلات الجند. وتزامناً مع العوائق والعوامل السيئة التي واجهوها أثناء إنزالهم بأنسيو (Anzio) الإيطالية، أجل الحلفاء عملية دراغون لشهر آب/أغسطس 1944.

صورة للجنرال الأميركي دوايت أيزنهاور
صورة لعدد من القوات الأميركية بفرنسا

وقد أتم الحلفاء العمل على خطة دراغون، التي أشرف عليها الجنرال الأميركي جاكوب ديفيرز (Jacob L. Devers) وقادها كل من الجنرال الأميركي ألكسندر باتش (Alexander Patch) ونظيره الفرنسي جان دي لاتري دي تاسيني (Jean de Lattre de Tassigny)، يوم 14 تموز/يوليو 1944، حيث اتفق الجميع على بداية العملية في حدود منتصف شهر آب/أغسطس أي بعد ما يقارب شهرين ونصف عن بداية إنزال نورماندي. ولإنجاح هذا الإنزال الثاني، وقع اختيار الحلفاء على 3 شواطئ بإقليم آلب كوت دازور (Provence-Alpes-Côte d'Azur) عرف الأول بكالفير سور مار (Cavalaire-sur-Mer) وحمل الرمز ألفا (Alpha) وعرف الثاني بسانت ماكسيم (Sainte-Maxime) وحمل الرمز دلتا (Delta) أما الثالث فعرف بشاطئ سانت رافائيل (Saint-Raphaël) وحمل الرمز كامل (Camel).

صورة لعدد من القطع البحرية التابعة للحلفاء والتي شاركت بعملية دراغون
صورة للجنرال الأميركي جاكوب ديفيرز

قبل يوم من بداية الإنزال، قادت فرق الكوماندوز الأميركية بمساعدة المقاومة الفرنسية عدداً من العمليات الخاطفة ضد الألمان لقطع طرق إمداداتهم ونجحوا في السيطرة على جزيرتي بروت كروس (Port-Cros) وليفان (Levant) القريبتين من جنوب فرنسا.

صورة للجنرال الأميركي ألكسندر باتش

وتحت غطاء قصف جوي ومدفعي مكثف، باشر الحلفاء صبيحة يوم 15 آب/أغسطس 1944 عملية الإنزال حيث تكفلت نحو ألفي قطعة بحرية جاءت من كورسيكا والجزائر وإيطاليا بنقل مئات آلاف الجنود نحو الشواطئ بجنوبي فرنسا، وخلال الموجة الأولى تمكن الحلفاء من إنزال 50 ألف جندي، وارتفع هذا العدد خلال الأيام التالية ليبلغ نحو 350 ألفاً كانت نسبة هامة منهم من الجنود الذين انتدبتهم فرنسا من مستعمراتها.

صورة للجنرال الفرنسي جان دي لاتري دي تاسيني

وبسبب انشغالها بإنزال نورماندي وعدم توفر الدعم اللازم، أجبرت القوات الألمانية المقدر عددها بربع مليون جندي بالجنوب الفرنسي على التراجع على الرغم من محاولتها شن هجمات مضادة بكل من دراغينيون (Draguignan) وأرليس (Arles).

ولم يجد الحلفاء صعوبة كبيرة في التقدم فتمكنوا من تحرير آكس أون بروفانس (Aix-en-Provence) يوم 21 آب/أغسطس ومرسيليا بعدها بسبعة أيام. وبفضل هذا الإنزال، نجح الحلفاء في تحرير جنوب فرنسا وكبّدوا الألمان خسائر هامة فتمكنوا من قتل وإصابة أكثر من 25 ألف جندي ألماني وأسروا 150 ألفا آخرين وعجّلوا بعملية تحرير فرنسا وطرد النازيين نهائيا منها.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى أوكرانيا تلاحق الصحفيين لإخفاء الحقائق