فاكهة استوائية غزت حياة الصينيين.. تعرف عليها

عام 1966، أعلن الزعيم الصيني، ماو تسي تونغ، عن بداية ما عرف بالثورة الثقافية، التي كانت عبارة عن حركة اجتماعية وسياسية سعى من خلالها ماو، بحسب قوله، إلى اجتثاث من سماهم الرأسماليين والبورجوازيين بالحزب الشيوعي الصيني وتشجيع الماوية (Maoism)، التي كانت عبارة عن نظرية سياسية شيوعية مقتبسة من أفكاره.

ودعمت الثورة الثقافية مكانة ما تسي تونغ بالصين لتجعل منه القائد الأبرز، وتشهد البلاد حالة فوضى وأعمال عنف أسفرت عن سقوط مئات آلاف القتلى وتدهور الاقتصاد.

كما عرفت جمهورية الصين الشعبية، أثناء فترة الثورة الثقافية، حدثاً غير مسبوق سجل كواحد من أغرب الأحداث خلال القرن العشرين. فأواخر ستينيات القرن الماضي، اتجه الصينيون، بناءً على رغبة ماو تسي تونغ، إلى تقديس فاكهة المانغو بشكل هستيري أثار ذهول العالم بأسره.

الزعيم الصيني ماو تسي تونغ

ويوم الرابع من آب/أغسطس 1968، حل وزير الخارجية الباكستاني، شریف الدین بیرزادہ، في زيارة رسمية إلى الصين، قدم خلالها هدية رمزية للزعيم الصيني كانت عبارة عن سلة احتوت على نحو 40 حبة مانغو.

وزير الخارجية الباكستاني شریف الدین بیرزادہ

من جانبه، اتجه ماو تسي تونغ إلى استغلال هذه الهدية كما يجب ليجعل منها رمزاً لزيادة حماس العمال. وفي اليوم التالي الموافق 5 آب/أغسطس 1968، أرسل الزعيم الصيني ثمرات المانغو إلى مجموعة من العمال الأوفياء بجامعة تسينغهوا، الذين تكفلوا بتوزيعها على عدد من أكبر مصانع العاصمة بيكين.

عدد من الصينيين خلال تأملهم لفاكهة المانغو

وخلال فترة وجيزة، تحولت فاكهة المانغو، التي أرسلت للمصانع لنوع من الأشياء المقدسة القادمة من عالم آخر، حيث اعتبرها العمال، الذين لم يسبق لهم أن شاهدوها في حياتهم، رمزاً مقدساً يعبر عن حب ماو تسي تونغ لهم، لتبدأ بناءً على ذلك التصرفات الغريبة التي أثارت ذهول العالم.

ففي مصنع النسيج بيكين، أقام العمال احتفالاً رسمياً لاستقبال فاكهة المانغو قبل أن يقدموا على وضعها في وعاء مغلق عند باب المصنع. وكل صباح أجبر جميع العمال على تقديم التحية لها عند دخولهم لاستلام مهامهم.

صورة دعائية صينية لفاكهة المانغو عام 1968

وما إن تعفنت حبة المانغو حتى أقدم المسؤولون بمعمل النسيج على طهيها في الماء الساخن قبل أن يعمد العمال إلى شرب كميات صغيرة من هذا الماء، الذي اعتبروه مقدساً.

وفي نفس الفترة، سعى أحد مصانع العاصمة إلى إرسال المانغو لأحد فروعه بمنطقة شنغهاي، فما كان منه إلا أن استعان بطائرة نقل خاصة وضعت على ذمة حبة المانغو.

صحن صيني يحمل صورة ثمرة مانغو

وفي غضون أشهر قليلة، بلغت هستيريا المانغو أوجها، حيث عمد المسؤولون الصينيون إلى صناعة نماذج من البلاستيك والشمع والورق لفاكهة المانغو وإرسالها إلى بقية المدن وتوزيعها على العمال.

كذلك اتجهت المصانع الصينية إلى إنتاج أدوات منزلية وعلب سجائر رسمت على واجهتها صورة هذه الفاكهة الاستوائية لتغزو المانغو أبسط مظاهر حياة الصينيين.

جنود صينيون خلال عرض فاكهة المانغو عليهم

وفي مدينة تشنغدو، التي تصنف ضمن قائمة أكبر المدن الصينية من حيث عدد السكان، حل ما يزيد عن نصف مليون شخص لاستقبال فاكهة المانغو عند حلولها بالمدينة.

وبإحدى القرى الصينية، حصلت امرأة على حكم بالإعدام بسبب مقارنتها للمانغو بالبطاطس، حيث وجهت لها المحكمة تهمة شتم رمز من رموز البلاد.

صورة دعائية صينية تعود لعام 1968 تجسد الصينيين وهم سعداء بثمرة المانغو حيث يتضح في الوسط شخص وهو يحمل صحناً مليئاً بها

وخلال اليوم الوطني الصيني لعام 1968، كانت المانغو حاضرة في معظم الملصقات الدعائية، حيث حظيت هذه الفاكهة الاستوائية بمكانة هامة لدى جميع شرائح المجتمع.

إلى اليسار صورة دعائية لفاكهة المانغو بالصين وإلى اليمين عدد من العمال بأحد المصانع خلال احتفالهم بقدوم المانغو

وظلت الصين على هذه الحالة لفترة قاربت السنتين، تراجعت على إثرها مكانة المانغو بشكل تدريجي قبل أن تختفي تماماً خلال السنوات التالية.

صورة تجسد احتفال عدد من الصينيين بثمرات المانغو

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى أوكرانيا تلاحق الصحفيين لإخفاء الحقائق