انفجار غيّر خريطة العالم.. وجعل أميركا قوة عالمية

منتصف شهر شباط/فبراير سنة 1898 اهتزت الولايات المتحدة الأميركية على وقع انفجار إحدى سفنها الحربية قرب ميناء هافانا الكوبي. وعلى إثر هذه الحادثة والتي أسفرت عن مقتل مئات الجنود الأميركيين عرفت العلاقات الأميركية الإسبانية تدهورا خطيرا، حيث لم تتردد الولايات المتحدة الأميركية في اتهام إسبانيا باستهداف سفينتها الحربية. وبسبب ذلك شهدت الأشهر التالية بداية الحرب الأميركية الإسبانية، حيث عمدت الولايات المتحدة الأميركية إلى إرسال جيوشها لدعم الثوار الكوبيين ضد الإسبان خلال حرب الاستقلال الكوبية والتي اندلعت عام 1895.

رسم تخيلي للسفينة الأمريكية يو أس أس ماين

تصنف يو أس أس ماين (USS Maine) ضمن قائمة أهم السفن الحربية الأميركية أواخر القرن التاسع عشر، حيث زودت هذه السفينة، والتي تجاوز وزنها ستة آلاف طن بالعديد من المدافع الثقيلة ذات القدرة التدميرية الهائلة، فضلا عن ذلك قدّرت تكلفة الأخيرة بأكثر من مليوني دولار.

في حدود شهر يناير سنة 1898 لم تتردد الولايات المتحدة الأميركية في إرسال السفينة يو أس أس ماين نحو ميناء هافانا لحماية مصالح الأميركيين المقيمين هنالك عقب اندلاع أعمال شغب بالمنطقة في خضم حرب الاستقلال الكوبية.

صورة للسفينة يو أس أس ماين خلال اقترابها من ميناء هافانا مطلع سنة 1898

ومع حلول يوم 15 من شهر شباط/فبراير سنة 1898 حصل ما لم يكن في الحسبان. فخلال ذلك اليوم غرقت سفينة يو أس أس ماين عقب انفجار هز مخزن الذخيرة داخلها وفي الأثناء أسفرت هذه الحادثة عن مقتل 260 فردا من طاقم السفينة والذين قدّر عددهم بنحو 400 بحّار. وخلال الفترة التالية استغل عدد من أصحاب الصحف بأميركا، من أمثال ويليام راندولف هارست (William Randolph Hearst) الحادثة لحشد الرأي العام ضد إسبانيا والتمهيد لحرب قادمة ضدها.

وتزامنا مع ذلك اقتنع الأميركيون بكل ما جاء في الصحف حيث آمن الجميع بوقوف الإسبان وراء الحادثة، فضلا عن ذلك تزايدت الكراهية ضد إسبانيا وارتفعت الأصوات المطالبة بإعلان الحرب ضدها عقب صدور تقرير للجنة التحقيق بالبحرية الأميركية والذي أكد غرق سفينة يو أس أس ماين عقب استهدافها بلغم بحري إسباني.

صورة للرئيس الأمريكي وليام ماكينلي صورة لويليام راندولف هارست

وخلال الفترة التالية تعرضت إدارة الرئيس الأميركي وليام ماكينلي (William McKinley ) إلى ضغوطات عديدة حيث اتهمه أعضاء الحزب الديمقراطي بمحاولة تهدئة الوضع مع الإسبان والتخاذل في الدفاع عن مصالح البلاد. وبالتزامن مع الفشل الدبلوماسي في كشف حقيقة انفجار سفينة يو أس أس ماين وتمسك الإسبان ببراءتهم توترت العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وإسبانيا بشكل خطير عقب تأثر المصالح الأميركية بكوبا على إثر الحملة العسكرية الإسبانية ضد الثوار الكوبيين وبناء على ذلك اتجه الأميركيون خلال النصف الثاني من شهر أبريل/نيسان سنة 1898 إلى اتخاذ جملة من الإجراءات عجّلت بإنهاء عظمة الإمبراطورية الاستعمارية الإسبانية.

يوم العشرين من شهر أبريل/نيسان سنة 1898 مرر الرئيس الأميركي ماكينلي قرارا وافق عليه الكونغرس لدعم الثوار الكوبيين عسكريا ضد الإسبان وبناء على ذلك لم تتردد السفن الحربية الأميركية في فرض حصار خانق على كوبا خلال اليوم التالي لتشهد الأيام القليلة التالية تصعيدا عسكريا أدى لنشوب الحرب الأميركية الإسبانية.

رسم كاريكاتيري ساخر يجسد ملك إسبانيا وهو يلهو بسفنه والتي هي على شكل لعب مقارنة بنظيرتها الأمريكية أثناء تلقيه للعقاب الأمريكي

أفضت هذه الحرب والتي استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر إلى هزيمة إسبانية قاسية خسرت على إثرها الأخيرة العديد من ممتلكاتها لصالح الأميركيين. فعقب توقيع معاهدة سلام باريس خلال شهر كانون الأول/ديسمبر سنة 1898 وافقت إسبانيا على مغادرة كوبا والتنازل عن كل من غوام (Guam) وبويرتو ريكو (Puerto Rico) والفلبين (Philippines) لصالح الأميركيين وبناء على ذلك فقدت الإمبراطورية الإسبانية مكانتها لتبرز محلها الولايات المتحدة الأميركية كقوة عالمية صاعدة.

خلال سبعينيات القرن الماضي وعلى إثر تحقيق جديد أجراه عدد من الخبراء بالبحرية الأميركية أعلن أن غرق سفينة يو أس أس ماين سنة 1898 والذي عجّل ببداية الحرب الأميركية الإسبانية ناتج عن انفجار داخلي عقب حريق بغرفة الفحم تسربت على إثره النيران نحو أحد مخازن الذخيرة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى