قبل 215 عاماً.. هكذا اغتيل أول حاكم لهايتي بعد الاستقلال

يوم 1 يناير 1804، حصلت سانت دومينغ (Saint-Domingue)، التي كانت مستعمرة فرنسية سابقة، على استقلالها عقب حرب دموية استمرت لسنوات وأسفرت عن سقوط أكثر من 100 ألف قتيل. وعقب حرب التحرير، أصبحت هذه المستعمرة الفرنسية السابقة ثاني دولة مستقلة بالقارة الأميركية بعد الولايات المتحدة وأول دولة مستقلة لذوي البشرة السمراء بالعصر الحديث.

وتزامناً مع إعلان الاستقلال، اتجه المسؤولون بهذه المنطقة لرفض كل ما من شأنه أن يرمز للحقبة الاستعمارية فعمدوا لتغيير اسم بلادهم واعتمدوا اسم هايتي (Haiti) الذي استخدمه شعب التاينو (Taïnos) قبل قدوم كريستوف كولومبوس.

مادة اعلانية

استقلال هايتي

عام 1802، وقع بطل هايتي توسان لوفرتور (Toussaint Louverture) أسيراً في قبضة الفرنسيين عقب خيانة تعرض لها من قبل أحد أتباعه. وعلى إثر ذلك، أرسل لوفرتور نحو إقليم جورا (Jura) الفرنسي، حيث فارق الحياة بالعام التالي خلف قضبان زنزانته. وبغياب لوفرتور، آلت قيادة حرب استقلال هايتي لعدد آخر من الثوار، كان أبرزهم جان جاك ديسالين (Jean-Jacques Dessalines).

لوحة تجسد شخصية توسان لوفرتور

لوحة تجسد شخصية توسان لوفرتور

في بادئ الأمر، تحالف ديسالين مع الفرنسيين قبل أن ينقلب عليهم ويكبدهم خسائر جمة بمعركة فرتيار (Vertières) يوم 18 نوفمبر 1803. وبمدينة غوناييف (Gonaïves) بشمال هايتي يوم 1 يناير 1804، تلى ديسالين بيان استقلال البلاد أمام الحشود الغفيرة التي ابتهجت بتحرر بلادها من التواجد الفرنسي الذي استمر لقرون.

وتزامناً مع ذلك، حصل هذا الرجل، الملقب ببطل استقلال هايتي، على لقب الحاكم العام لهايتي لبقية حياته لتبدأ على إثر ذلك حالة من الاضطرابات التي هزت البلاد وأسفرت عن سقوط آلاف الضحايا.

رسم يجسد شخصية ديسالين

رسم يجسد شخصية ديسالين

قتل البيض الفرنسيين

فمع حصوله على مقاليد الحكم، أعلن ديسالين أن هايتي دولة مستقلة للمواطنين من ذوي البشرة السمراء فقط. واتجه الحاكم العام لتطبيق هذا الإعلان على أرض الواقع، فأصدر قراراً أمر من خلاله بقتل البيض الفرنسيين بهايتي واستثنى من قراره هذا البيض أصحاب الحرف والأطباء. وبناء على أغلب المؤرخين، لجأ ديسالين نحو التطهير العرقي ضد البيض الفرنسيين لتجنب تمردهم ضد حكمه ومساندتهم لتدخل فرنسي مستقبلي لاستعادة هايتي.

وبعد مضي أقل من عام عن إعلان الاستقلال، لم يتردد ديسالين يوم 22 سبتمبر 1804 في إعلان نفسه إمبراطوراً على هايتي وانتقى لنفسه لقب جاك الأول (Jacques I). وفي الأشهر التالية، أرسى هذا الإمبراطور الجديد نظاماً دكتاتورياً دموياً أثار غضب الهايتيين الذين عانوا طوال السنوات السابقة من ويلات العبودية والاستعمار الفرنسي.

لوحة تجسد ديسالين وهو يحمل بيده رأس فرنسي

لوحة تجسد ديسالين وهو يحمل بيده رأس فرنسي

اغتيال بطل الاستقلال

أمام هذا الوضع، اتجه عدد من الجنرالات ورفاق ديسالين السابقين زمن حرب الاستقلال لتنظيم مخطط للإطاحة به وإنهاء حكمه. وقد تضمنت قائمة العسكريين المتآمرين شخصيات بارزة من أمثال ألكسندر بيتيون (Alexandre Pétion) وجان بيير بوييه (Jean-Pierre Boyer) وهنري كريستوف (Henri Christophe) الذي كان في السابق مؤيدا لسياسة ديسالين.

لوحة تجسد وحدة كل من ديسالين وبيتيون أثناء حرب الاستقلال

لوحة تجسد وحدة كل من ديسالين وبيتيون أثناء حرب الاستقلال

وأثناء تواجده بمنطقة مارشان (Marchand) يوم 16 أكتوبر 1806، تلقى ديسالين خبر وجود تمرد ضده. وكرد على ذلك، أمر الأخير الجنرالين بيتيون وكريستوف بالاستعداد للقضاء على المتمردين.

في اليوم التالي، صعق الجميع بهايتي عقب سماعهم خبر مقتل الإمبراطور. فيوم 17 أكتوبر 1806، أقدم عدد من جنود الجنرال بيتيون على قتل ديسالين رمياً بالرصاص عند منطقة الجسر الأحمر بشمال بورت أو برانس (Port-au-Prince). ومع سماعهم بحادثة الاغتيال، حاول وزراء ديسالين تنصيب ابنه بدلاً منه إلا أن تدخل الجنرالات حال دون ذلك، حيث عمد كل بيتيون وكريستوف لإلغاء النظام الإمبراطوري لتغوص البلاد طيلة السنوات التالية في حرب أهلية أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا.

وعقب وفاته، دفن ديسالين من قبل عدد من الفلاحين بموقع الاغتيال. وقد ظلت جثته بهذا المكان لأكثر من قرن قبل أن تنقل بقاياها فيما بعد نحو ضريح آخر، بالعاصمة، سرعان ما تحول لمعلم وطني.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى