خدعة الإنتخابات النيابية المبكرة

كتب كريم ضاهر في "الجمهورية": الآن وقد سقط القناع وتبدّد ما تبقّى من شكوك حول عجز الدولة بكل وجوهها وسلطاتها ومؤسساتها، للقيام بأبسط موجباتها، لخدمة وحماية المواطن وتأمين الحدّ الأدنى من العزة والعيش الكريم... أو كحدٍّ أدنى، للتخفيف من مآسيه والتعويض عمّا خسره بسببها، تتهيأ المنظومة الفاسدة، بمواليها ومعارضيها، ذات الرؤى المتقاطعة والسيرة المشابهة، إلى إسقاط ولعب ورقتها الرابحة (joker)...إلا وهي الدعوة إلى إجراء إنتخابات نيابية مبكرة على أساس القانون نفسه (لضيق الوقت على أرجح تقدير) أو قانون جديد مفصّل على قياسها ووفق مصالحها. وبالتالي، وتبعاً لغياب الحس الوطني الجامع لتاريخه، وإفتقاد المواطنية الفعلية التي تراقب وتحاسب وتحاكم، ستؤدي العوامل نفسها إلى توليد النتائج نفسها، رغم هول الكارثة التي ألمّت بجسم وطننا الجريح أصلاً وخلّفت دماراً وموتاً وبؤساً ويأساً وجروحاً ومترتبات، لم نشهد لها مثيلاً في بيروت منذ إنتهاء الحرب المشؤومة لثلاثة عقود خلت، ولم ننفك نلملم آثارها ونبلسمها منذ أسبوع، وسط موجة تضامن محلية ودولية عارمة.

 

هل المقصود مما تقدّم، الإيحاء بأنّ تنظيم وإجراء إنتخابات نيابية مبكرة - مع ما تمثله من حق دستوري مقدّس وفرصة عملية لتوليد طبقة سياسية جديدة، تحمل أفكار وطموحات وأحلام حراك السابع عشر من تشرين الأول 2019 إلى الندوة البرلمانية، ومن بعدها إلى كل مفاصل الدولة بسلطاتها كافة - هو خيار خاطئ وغير مجدٍ يجب العدول عنه؟ لا، طبعاً لا. ليس الهدف أن نثني اللبنانيين عن التعبير الديموقراطي عن الإرادة الشعبية. إلّا أنه، وفي ظل الظروف الراهنة، تضحى عملية إجراء الإنتخابات أشبه بفخٍ وخدعة تقودنا إليهما بحنكة ومهنية، تلك المنظومة المشؤومة، للإنقضاض على ما تبقّى من لحم متناثر تنهشه، وللتُنكيل بلا رحمة بالجثة المؤسساتية الوطنية المهملة؛ مستعيدة بكل فخر وإمتنان شرعيتها المفقودة تجاه العالم الخارجي والدول الصديقة الراغبة في المساعدة، والتي لن يبقى لها عندها من سبيل إلّا العدول عن أي مسعى إنقاذي، بعد أن نكون وفق قول الرئيس الفرنسي، خلال زيارته التفقدية التضامنية الأخيرة، "قد كتبنا تاريخنا بأنفسنا".

 

 نعم وبالتأكيد، فإنّ تنظيم الإنتخابات قبل إجراء إصلاحات ضرورية وملحّة ووضع الأمور في نصابها الصحيح وإعادة المواطن إلى كنف الدولة، وتمكينه من فهم دورها ودوره في مواجهة من سلب هذا الدور على مدار العقود ومنّنه بحقه، هي أشبه بمقولة "وضع العربة قبل الحصان" أو تماشياً مع القول المأثور "لا تضع السرج قبل وصول الخيل".

 

لقراءة المقال كاملا اضغط هنا

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بري “المستاء” يلتزم الصمت ولا يساجل الراعي

معلومات الكاتب