أخبار عاجلة

الحريري وميقاتي وثالثهما.. الطائف والميثاق والسلم الأهلي

الحريري وميقاتي وثالثهما.. الطائف والميثاق والسلم الأهلي
الحريري وميقاتي وثالثهما.. الطائف والميثاق والسلم الأهلي
لا يختلف اثنان على أن العلاقة بين الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي مرّت خلال السنوات الأخيرة بمحطات عديدة من الصعود والهبوط، ومن التلاقي والافتراق لكن على قاعدة التنافس في العمل الوطني والسياسي والخدمة العامة كلٌّ من موقعه. ومن المعلوم أيضاً أن الطرفان خاضا الانتخابات النيابية الأخيرة بمواجهات شرسة ومباشرة ومفتوحة، خصوصاً في ظل قانون انتخابي معقد ومبتور ومفروض، لكن ما إن انتهت الانتخابات حتى اختار ميقاتي ومعه كتلته "الوسط المستقبل"، تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، فميقاتي كان يردد في مجالسه ومع ضيوفه قبل ذلك وحتى خلال الانتخابات أن الحكومة الأولى ستكون برئاسة الحريري، وأنه لا يميل أصلاً إلى استقطاب أعداء أو استجرار خصومات، فالعداوات في لبنان توصل لخسارة الجميع، أما الخصومات فهي مشروعة، ولذلك فهو يخاصم بشرف، ويحالف بشرف لكنه لا يعادي.

هذا الأمر تجسد تطوراً في العلاقة بين الرجلين، وانعكس تقارباً وتلاقياً في أكثر من محطة سياسية واجتماعية، وصولاً إلى تأكيد ميقاتي تكراراً وقوفه إلى جانب الحريري في معركة مواجهة عرقلة تأليف الحكومة، مؤكداً رفضه استهداف الحريري أو استهداف صلاحياته أو حشره بخيارات لا يريدها تحت أي ظرف وحجة.

لكن ثمة ما هو أبعد من تفاصيل العملية السياسية وصراع القوى ومسؤولية قيادة المجتمع السني، كان لميقاتي هدف آخر يتجسّد بمعركة الحفاظ على اتفاق الطائف كدستور وحيد متوفر لحماية وصون الحياة الوطنية وعدم المسّ به تحت أي ظرف أو حجة.

وإزاء ما يسّرب أو يتم ترويجه بين حين وآخر عن صيغ وأفكار لإعادة التأسيس، يرى ميقاتي أن لا بديل لاتفاق الطائف أو الخروج عليه ومنه، وضرورة تطبيقه كاملاً بحذافيره ومندرجاته وحمايته من العبثية والشعبوية، لأن البديل عنه إلى الآن هو صراع يستبطن، ربما، التأسيس لحرب أهلية جديدة، وإن كانت لا تعني بالضرورة كالتي عرفها لبنان من سبعينيات القرن الماضي حتى مطلع التسعينات، فالانقسام والانهيار والتفكك والاستقواء والفراغ والتعطيل كلها مداخل توصل لذات النتيجة من تفسخ الدولة وانهيار المجتمع وضياع الصيغة اللبنانية.

لذلك، يرى ميقاتي في المحاولات المتكررة لعرقلة تأليف الحكومة ووضع اشتراطات ومعايير وضوابط لصلاحيات الرئيس المكلف تشكيل الحكومة بالتشارك مع رئيس الجمهورية محاولةً لاسقاط مفاعيل اتفاق الطائف، وجرّاً للبلاد إلى منزلق مجهول، وهو ما استدعى منه الوقوف صفاً واحداً مع رؤساء الحكومات في دعم مقام رئاسة الحكومة وصلاحيات الرئيس المكلف التي يشغلها حالياً الرئيس سعد الحريري.

من هنا يمكن الاستنتاج أن محاولات فرض تمثيل من هنا، وعُرفٍ من هناك، إنما تستهدف في النهاية، وفق قراءة ميقاتي، استقرار البلد وأمنه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، من خلال المسّ بالتوازن الوطني. وهو يعتبر أنه إذا كان هناك من ضرورة لتفسير اتفاق الطائف فلا يجب أن يكون من خلال الضغط والإكراه والتعطيل والتهديد، بل من خلال إجماع وطني يحاكي إجماع إقراره مطلع التسعينات، وتحت سقف المؤسسات الدستورية وعبر حوار بناء وخلّاق وهادئ، وما دون ذلك عبثٌّ واستدعاء للمجهول.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بري “المستاء” يلتزم الصمت ولا يساجل الراعي

معلومات الكاتب