وهنا فإن الرئيس الحريري سيكون مُحرَجاً في مواجهة تداعيات هذه الأوضاع برمّتها وفق المصادر السياسية، وتالياً فإن "حزب الله" عندما رمى مسألة توزير سنّة الثامن من آذار أو لا حكومة، وعلى أعلى المستويات، وتحديداً من خلال أمينه العام السيد حسن نصرالله، فإنهم كانوا يدركون سلفاً أن الرئيس المكلّف لن يقبل توزيرهم، مما يعني أن ثمة ضغوطات تكبّل الحريري، وهذا الأمر بدأ يربكه، وسط تفتيش عن مخارج يجري تداولها مع الحلقة الضيقة منه، ورهانه على دور فرنسي إلى صداقته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإن كانت كل من باريس وموسكو مهتمّتين بملفات المنطقة الأساسية، ولا سيما في سوريا والعراق وفلسطين، وإيلاء الشأن اللبناني الاهتمام حول ملف النازحين الذي ينال حيّزاً أساسياً لدى المجتمع الدولي من خلال توفير الدعم المادي المطلوب وكل المستلزمات المحيطة بهذا الملف، إنما عدم تحويل هؤلاء اللاجئين إلى اوروبا ودول أخرى.
من هذا المنطلق، رأت المصادر نفسها أن تأليف الحكومة العتيدة بات في غاية التعقيد، وأيضاً العلاقة بين بعبدا وبيت الوسط إلى تراجع نظراً لما يجري تسريبه من بعض المحيطين بالحريري، والذين يؤكدون أن رئيس الجمهورية ووزير الخارجية يتأثّران إلى حد كبير بموقف "حزب الله" من مسألة توزير سنّة المعارضة، وذلك ما تبدى بوضوح خلال المساعي التي قام بها الوزير باسيل بتكليف من رئيس الجمهورية، والتي تزامنت مع قيام باسيل بوضع لوحة على صخور نهر الكلب تؤرّخ تاريخ خروج الجيش السوري من لبنان، وهذا ما ترك استياءً لدى حلفاء التيار، ولا سيما "حزب الله"، حيث جرت اتصالات بعيدة عن الأضواء لتخلّي "التيار الوطني الحر" عن هذه الخطوة، وبالتالي، فإن وزير الخارجية أدرك النتائج السلبية التي قد تواجهه لاحقاً، فكان موقفه من دارة النائب عبد الرحيم مراد، متناغماً إلى حدّ كبير مع النواب الستّة السنّة، وبالتالي جرى تجميد مساعيه لتعود إلى رئيس الجمهورية الذي بدأ يعيد حساباته ويعمل مع المعنيين على إعلان خطوته حول المخرج المتاح لهؤلاء النواب، وحيث عُرض الأمر بشكل مقتضب مع كل من الرئيسين بري والحريري، على أن يكون هناك لقاء حاسم وقريب بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف يهدف إلى دفع الحريري إلى إعلان تشكيلته والقيام بخطوة سريعة لأن الرئيس عون، وبحسب المحيطين به، بات مستهدَفاً وغير قادر على الانتظار، حيث يخسر من رصيده، وإذا استمرت هذه الحالة على ما هي عليه في الوقت الراهن، فإن الخسائر ستزداد وستصيب العهد قبل سواه".