معركة الإلهاء والإنهاك بدأت.. من يريد الحرب؟

معركة الإلهاء والإنهاك بدأت.. من يريد الحرب؟
معركة الإلهاء والإنهاك بدأت.. من يريد الحرب؟

في إطار المفاوضات التي حصلت أمس بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل من أجل الوصول إلى حلّ لوقف إطلاق النار، إشترطت تل أبيب على الفصائل وقف عمليات الإرباك الليلي والتظاهرات عند حدود القطاع، لكن هذه المطالب ُرُفضت. الرفض الفلسطيني نابع من قاعدة أساسية أن المقاومة في غزّة مستعدة للذهاب إلى حرب للوصول إلى نفس الأهداف التي تريدها من الحراك الشعبي المستمر منذ أكثر من سنة عند حدود القطاع، وهي رفع الحصار وإيصال المساعدات، وتالياً من غير الممكن التخلي عن أدوات الضغط هذه من أجل منع الحرب.

تقرأ حركات المقاومة في المنطقة السياسة الأميركية في العالم العربي ومحيطه جيداً، وهي متيقنة أن واشنطن ستعطي تل أبيب كل ما تطلبه: القدس، الجولان، مزارع شبعا، حصار إيران والضغط على "حزب الله، وحتى إبقاء الجنود الأميركيين في سوريا والعراق، كل شيء ما دون الحرب.

الهدف الأساسي هو إنجاح صفقة القرن، عبر ضمّ بعض الأراضي العربية إلى إسرائيل، والضغط على الدول المعارضة لهذه الصفقة لإشغالها ومنعها من تعطيلها.

قبل أسابيع لم تعد دمشق المعرضة للإستهداف دون غيرها، بل باتت تل أبيب مثلها. ثلاث ضربات صاروخية إستهدفت عاصمة دولة الإحتلال من دون سابق إنذار، ردّت إسرائيل عليها بحذر، كأن هناك من يريد تخيير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بين أمرين، إما الحرب بتوقيت أعدائه أو السكوت وكسر قواعد الإشتباك مع غزّة.

حتى اللحظة، لم تستطع إسرائيل ردع من يقصف تل أبيب، فردها على غزّة لا يزال خجولاً ومحسوباً، وهي تحاول عدم إيقاع خسائر بشرية او الوصول إلى نقطة اللا عودة في المعركة.

لكن، هل يريد تحالف حماس – "حزب الله" – إيران حرباً في غزّة؟ لا إجابة واضحة عن هذا السؤال، لكن الأكيد أن الحرب في هذا التوقيت ستكون لصالح هذا المحور، إذ ستؤدي إلى عملية تفاوض شاملة بين القيمين على القطاع وتل أبيب من أجل فكّ الحصار الذي بدأ يخنق أهالي غزّة ويغرقهم في الفقر والجوع، إضافة إلى ذلك فإن حرباً محدودة في غزّة ستؤجل الحرب الكبرى في المنطقة، وهي التي يسعى "حزب الله" وإيران وسوريا إلى تأجيلها حالياً، كما أنه والأهم، هو أن حرباً بين إسرائيل وغزّة وما تشمله هذه الحرب من تصعيد وضرب قدرات الردع الإسرائيلية، إضافة إلى الحشد الشعبي العربي الذي سيترتب عليها سيؤدي إلى تطيير أي قدرة أميركية على تثبيت صفقة القرن وجعلها أمراً واقعاً.

حاولت إسرائيل في المرحلة الماضية تحقيق هدفين في صراعها في الإقليم، الأول تغيير قواعد الإشتباك في سوريا ولبنان ليصبح لديها حرية أكبر في الحركة لإستهداف منشآت وحافلات ومخازن أسلحة تعتقد أنها كاسرة للتوازن، من دون أن يؤدي ذلك إلى ردّ أو إلى تدحرج إلى حرب شاملة. أما الهدف الثاني فهو إلهاء الدول المعادية لها عبر ما يُسمى المعارك بين الحروب، لكن النتيجة أن أعداء إسرائيل بدأوا بإستعمال أسلوبها من خلال "تطبيع" قصف تل أبيب وإستهدافها من دون أن يؤدي الأمر إلى أي ردّ فعل يوازي قصف عاصمة إسرائيل بإستمرار، أي أن الفلسطينيين بدأوا يقتربون من كسر قواعد الإشتباك لصالحهم مستفيدين من الخطّ الأحمر الأميركي الذي لا يرغب ولا يريد أي حرب في المنطقة.

إضافة إلى ذلك يحقق قصف تل أبيب، والمعارك الصغيرة التي تتبع كل عملية قصف، هدفاً لصالح المحور الإيراني، أرادت إسرائيل تحقيقه لصالحها، وهو عملية الإلهاء التي يعول عليها "حزب الله" كثيراً، إذ إن مراكز الدراسات الإسرائيلية كانت قد أكدت أنه من بين أحد أسباب فشل حرب تموز كان عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على الإستعداد والتحضيرات لإنشغاله بالإنتفاضة الفلسطينية.

هكذا تصبح حركة "حماس" و"حزب الله" ومن معهما في موقع الرابح – الرابح. ففي حال حصول حرب مع غزّة يكون قد تحققت الأهداف المرادة من الحرب، وهو فكّ الحصار وضرب صفقة القرن، وفي حال لم يدخل الإسرائيلي في حرب تكون المقاومة الفلسطينية قد كسرت قواعد الإشتباك وجعلت تل أبيب تحت النار، وأدخلت الجيش الإسرائيلي في حال من الإرباك والإنشغال تمنعه من التحضير للحرب المقبلة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بري “المستاء” يلتزم الصمت ولا يساجل الراعي

معلومات الكاتب