أخبار عاجلة

'وسطية' بأبعاد فكرية وسياسية.. ودعم لرئاسة الحكومة

'وسطية' بأبعاد فكرية وسياسية.. ودعم لرئاسة الحكومة
'وسطية' بأبعاد فكرية وسياسية.. ودعم لرئاسة الحكومة
تحت عنوان "وسطية" بأبعاد فكرية وسياسية.. ودعم لرئاسة الحكومة" كتب سمير الحسن: "يوم طرح الرئيس نجيب ميقاتي تبني "الوسطية" في حركته السياسية، استغرب كثيرون الطرح الذي جاء من خارج التقليد السياسي السائد. فلغة "الوسطية" التي لم يطرحها أي فريق سابقا، ذكٌرت بـ"كتلة الوسط" التي مثلت قوى سياسية معينة أواخر الستينات من القرن الماضي، وهي الكتلة التي جمعت رئيس مجلس النواب كامل الأسعد في حينه، ورئيس مجلس الوزراء صائب سلام، والنائب سليمان فرنجية الذي أصبح رئيسا للجمهورية لاحقا.

فهمت وسطية هذا التكتل إنها كتلة بين محورين قويين، وكانت بعض القوى السياسية لا ترغب الانضواء بأي منهما، وهما الحلف الذي ضم رئيس الجمهورية الأسبق كميل شمعون، والنائب ريمون إدة، ورئيس حزب الكتائب اللبنانية بيار الجميل، يقابله بما يشبه المواجهة، تكتل آخر هو التكتل الموالي للرئاسة والذي عرف بـ"النهج" الموالي لرئيس الجمهورية السابق فؤاد شهاب، ولامتداده اللاحق الرئيس شارل الحلو.

بمعنى آخر حملت كتلة الوسط التسمية نتيجة لتموضعها بين تيارين آخرين، تتوسطهما، ولا تنتمي إلى أي منهما، ولم تكن مفهوما وسطيا بابعاد سياسية، وثقافية، واجتماعية، وحياتية. أي نظام شامل بكل أبعاده، طاعن بجذوره في وسطية الإسلام المعتدل، وهي الوسطية التي تبناها الرئيس نجيب ميقاتي، ولا يزال يرفع رايتها حتى اليوم. ولو شئنا فهم معنى الوسطية كاتجاه فكري متشعب، ومتجذر في البعد الانساني، كان علينا ان نتوقف عند محطات واستحقاقات سياسية في مجالات متنوعة. نطرح على سبيل المثال ما جرى في الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في ايار 2018 على اساس قانون النسبية، حيث رفض ميقاتي التحالف مع قوى 8 آذار، وقرر خوض المعركة بتيار العزم وحده. كما رفض التحالف مع شخصيات اخرى. كما إنه خاض المعركة الانتخابية شبه منفرد، ضد تيار المستقبل.

خاضها بصمت، وبروح المنافسة الديمقراطية البناءة والمحقة، من دون ان يمس بكرامة التيار، ولا رئيسه، ولا بذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولطالما كان على الدوام ضنينا بالتعاطي مع تيار المستقبل، وآل الحريري باحترام ولياقة، وبطابع عائلي أهلي، أكثر مما هو سياسي. وتشير الحسابات الانتخابية انه لو تحالف ميقاتي مع الوزير فيصل كرامي في طرابلس، والمهندس جهاد الصمد في الضنية، وكمال الخير في المنية، لحققت لائحته حاصلا انتخابيا يكفي لحصد مقاعد الدائرة، واسقاط "تيار المستقبل". لكن كان من الواضح أن ميقاتي لم يكن يريد سقوطا دراماتيكيا للمستقبل، بقدر ما أراد اظهار حجم تياره السياسي في الشمال، وتحقيق فوز له، ولتياره قدر ما يسمح له القانون، ومفهوم الانتخابات الديمقراطي. وفي استشارات التكليف التي اجراها رئيس الجمهورية، سمى الرئيس ميقاتي وكتلته النيابية الرئيس سعد الحريري، وهدفه دعم وحدة الصف الاسلامي، والحرص على الحفاظ على موقع رئاسة الحكومة، وصيانته، وتحديدا موقع الرئيس سعد الحريري رغم الاختلاف السياسي بين الرئيسين. والرئيس ميقاتي كان حاضرا في اجتماع رؤساء الحكومة السابقين مع الرئيسين تمام سلام وفؤاد السنيورة اثر البيان الذي صدر عن قصر بعبدا تعليقا على زيارة الرئيس المكلف الى القصر الجمهوري، واجتماعه برئيس الجمهورية، حيث قدم له مسودة تشكيلة رفضها رئيس الجمهورية، فما كان من ميقاتي إلا أن اتخاذ موقف دقيق في الموازنة بين الحفاظ على صلاحيات الرئيس المكلف لجهة اعداد التشكيلة الحكومية وفقا للمشاورات التي يجريها وحده، من جهة، وبين عدم نشوب ازمة حكم او خلاف مع رئيس الجمهورية، من جهة ثانية. بهذه النمطية من الأداء، فهم من أراد معنى وسطية الرئيس ميقاتي كمفهوم وليس كتموضع.

وانطلاقا من وسطيته، يخطئ من يظن بتحليل سياسي او بتأويل غير بريء ان ميقاتي ينتظر فشل الرئيس المكلف، ذلك أن الرئيس ميقاتي يدرك تماما مخاطر ذلك الفشل على الطائفة السنية، وعلى الوطن، وهو بصمته، ووسطيته، وعدم الدخول في السجالات خلق مناخا هادئا اراح الرئيس المكلف ومكنه أكثر من معالجة المشاكل الطارئة في عملية التأليف، وتجاوز العقبات، وصولا الى تشكيل الحكومة العتيدة. يقف الرئيس ميقاتي وماكينته السياسية والاجتماعية الى جانب طرابلس والشمال والى جانب الشعب اللبناني، ويعتبر بابتعاده عن الظهور، ان تشكيل الحكومة هو مصلحة وطنية لبنانية يستفيد منها الجميع بما فيها تياره السياسي العزم.

ولا يسمح ميقاتي بصدور اية اشارات، او ايماءات تدل على نيته الافادة من عرقلة التأليف وهو، ونكرر ايضا، بصمته الاعلامي وبصخبه الخدماتي، يعتبر ان كل جهوده تنضم الى جهود الرئيس المكلف، والى الحفاظ على موقع رئاسة الحكومة، والذي لم يقبل ميقاتي يوما ان يمس. صمت الميقاتي وسطية بليغة، شكلت قوة كامنة وداعمة للرئيس المكلف. لم تسجل طلبات، ولا ملاحظات، ولا تدخلات من ميقاتي في تشكيل الحكومة، كما لم تصدر تصريحات ولا مواقف ولا ردود فعل من ميقاتي على ما يصدر عن الرئيس المكلف، واصبح بمثابة قوة احتياط يستعملها الرئيس المكلف عند الحاجة. هذا هو الرئيس ميقاتي اليوم، ينظر، ويراقب، ويحلل، واجواؤه صخب خدماتي، وصمت اعلامي ليس إلا".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ريفي: خطف سليمان يضع لبنان أمام مخاطر أمنية
التالى بري “المستاء” يلتزم الصمت ولا يساجل الراعي

معلومات الكاتب