أخبار عاجلة
بو حبيب لـ”فرونتسكا”: موقف لبنان ثابت! -
ترويج المخدرات بـ”التوك توك” -
“المالية” تمدد مهلة تسديد الإيصالات -
اسرائيل تقصف أهدافاً للحزب في 6 مناطق جنوباً -
عن عرض دين براون والـ”وان واي تيكت” -
حرب أوكرانيا: 5 سنوات إضافية؟ -
روسيا تحقق في القوقاز ما عجز عنه الغرب -

"سخرية".. انتهت بعنف وقتلى وأزمة بين فرنسا وإيطاليا

خلال شهر آب/أغسطس عام 1893، عاشت فرنسا على وقع واحدة من أسوأ موجات العنف التي طالت الأجانب بتاريخها الحديث. فأثناء فترة حكم الرئيس ماري فرانسوا سادي كارنو (Marie François Sadi Carnot)، هاجم عدد كبير من الفرنسيين الغاضبين عمالا إيطاليين وتسببوا في سقوط العديد من الضحايا.

وبسبب هذه الحادثة، توسعت رقعة أعمال العنف لتبلغ إيطاليا حيث لجأ الإيطاليون للرد على ذلك عن طريق الاعتداء على الفرنسيين المقيمين بالمدن الإيطالية.

غلاف احدى المجلات الإيطالية التي نقلت واقعة مذبحة العمال الإيطاليين غلاف احدى المجلات الإيطالية التي نقلت واقعة مذبحة العمال الإيطاليين

وتعود أطوار هذه الواقعة لأواخر القرن التاسع عشر. فأثناء تلك الفترة، شهدت الدول الأوروبية ارتفاعا في نسب البطالة أجبر كثيرا من العاطلين عن العمل على القبول بوظائف صعبة ومرهقة.

إلى ذلك، أقبل كثيرون بفرنسا على الشركات المختصة للعمل بالملاحات لحصاد الملح من برك التبخير خلال فصل الصيف. وأثناء تلك الفترة، اضطر العمال بالملاحات للعمل طيلة الأسبوع لفترات تجاوزت أحيانا 12 ساعة مقابل أجور زهيدة واستعانوا بالفؤوس لاقتلاع الملح ونقلوه عبر تضاريس وعرة عن طريق عربات الجر اليدوية متحملين حرارة الطقس ونقص المياه ولسعات البعوض.

غلاف احدى المجلات الفرنسية التي نقلت واقعة مذبحة العمال الإيطاليين غلاف احدى المجلات الفرنسية التي نقلت واقعة مذبحة العمال الإيطاليين

وقد استقطب هذا العمل بفرنسا ثلاثة أصناف من العمال، الذين تميّزوا بقوتهم البدنية وقدرتهم على التحمل، تمثلوا في البييمونتيين (إيطاليون قادمون من شمال إيطاليا) والأرديشيين (فلاحون تركوا أراضيهم للعمل في الملاحات بشكل موسمي) والتريمارديين الذين كانت أغلبيتهم من المتشردين.

ومن ضمن هذه الشركات الفرنسية التي استقبلت العمال الموسميين يذكر التاريخ اسم مؤسسة ملاحات ميدي (Salins du Midi)K حيث وفرت الأخيرة العديد من الوظائف أثناء فصل الصيف. وخلال صيف عام 1893، عرفت هذه المؤسسة حادثة تراجيدية انتهت بأعمال عنف ومذبحة طالت الإيطاليين.

صورة للرئيس ماري فرانسوا سادي كارنو صورة للرئيس ماري فرانسوا سادي كارنو

فوسط ظروف العمل القاسية، عمد عدد من العمال الإيطاليين يوم 16 آب/أغسطس 1893 للسخرية من ثياب وتصرفات التريمارديين الفرنسيين الذين كانت أغلبيتهم من المتشردين.

وتدريجيا، تطور الأمر وتحوّل لتبادل عنف بين الطرفين تفوق خلاله الإيطاليون على التريمارديين الذين فروا من المكان واتجهوا نحو قرية إيغ مورت (Aigues-Mortes) القريبة والواقعة بإقليم غارد بالجنوب الشرقي لفرنسا.

صورة لعمليات استخراج الملح أواخر القرن 19 صورة لعمليات استخراج الملح أواخر القرن 19

وهنالك، نشر التريمارديون إشاعات حول تعنيف ومقتل عدد من أهالي القرية على يد الإيطاليين لتندلع على إثر ذلك حالة من الاحتقان والفوضى، حيث تجمهر أهالي إيغ مورت وتناسوا الفروقات الاجتماعية بينهم وبين التريمارديين واتجهوا لطرد الإيطاليين الذين صنّفوهم كعدو وغزاة أجانب.

مساء، هاجم سكان القرية المواطنين الإيطاليين وأجبروهم على الاختباء داخل مخبزة فونتين (Fontaine). ومع تهديدهم بحرق المكان، حل عمدة القرية على عين المكان مرفوقا بقوات الدرك التي أجلت العالقين داخل المخبزة.

صورة لعمال الملاحات اثناء نقلهم للملح صورة لعمال الملاحات اثناء نقلهم للملح

وخلال ساعات الصباح الأولى ليوم 17 آب/أغسطس 1893، هاجم أهالي إيغ مورت العمال الإيطاليين بالملاحات القريبة وعمدوا لقتل العديد منهم قبل أن تتدخل قوات الدرك مرة ثانية لحماية هؤلاء العمال الأجانب.

من جهة ثانية، تواصلت أعمال العنف طيلة الساعات التالية حيث لجأ سكان القرية لمطاردة من تبقى من الإيطاليين بالغابات المجاورة.

صورة لعدد من العمال بإحدى الملاحات أواخر القرن 19 صورة لعدد من العمال بإحدى الملاحات أواخر القرن 19

خلال الفترة التالية، لعبت الصحافة دورا هاما في تأجيج مشاعر الكراهية بين الفرنسيين والإيطاليين. ففي فرنسا، اتهمت الصحف الإيطاليين بإشعال فتيل الأزمة وتحدثت عن ثمانية قتلى إيطاليين، وأثنت على دور الدرك في إنقاذ الموقف.

أما بإيطاليا، فتحدثت الصحف عن مقتل وفقدان حوالي 150 شخصا واعتداءات بالفؤوس والمناجل وتقاعس الدرك الفرنسي. وعقب قراءتهم لعناوين الصحف ببلادهم، عمد الكثير من الإيطاليين للاعتداء على الفرنسيين بإيطاليا، كما قذفت بعض الجماهير الغاضبة مبنى السفارة الفرنسية بروما بالحجارة وحطمت نوافذه.

رسم تخيلي يجسد تدخل الدرك الفرنسي رسم تخيلي يجسد تدخل الدرك الفرنسي

جاءت هذه الحادثة خلال شهر آب/أغسطس 1893 لتزيد من حدة التوتر والكراهية بين الفرنسيين والإيطاليين. وخلال الفترة التالية، اتفق الطرفان عن طريق تسوية دبلوماسية على إنهاء الأزمة حيث وافقت فرنسا على دفع تعويضات للعمال الإيطاليين، بينما قدمت إيطاليا مبلغا ماليا كتعويض عن حادثة السفارة الفرنسية بروما.

من جهة ثانية، أجرت فرنسا تحقيقا حول مذبحة العمال الإيطاليين وبرّأت جميع المتهمين، البالغ عددهم 17 فردا، من تهمة القتل فأطلقت سراحهم مثيرة بذلك إستياء إيطاليا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى