أخبار عاجلة

هكذا انتهت فوضى خرّبت أفضل المدن الأميركية

قبل نحو 28 عاما، كانت الولايات المتحدة الأميركية على موعد مع موجة عنف وأحداث شغب اجتاحت مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، وانتهت بسقوط آلاف القتلى والجرحى وخسائر مادية بلغت أرقاما خيالية.

وبطريقة مشابهة لحادثة مقتل جورج فلويد يوم 25 أيار/مايو 2020 بمدينة مينيابوليس بمينيسوتا، التقطت عدسات الكاميرا حينها عملية تعنيف المواطن الأميركي ذي الأصول الإفريقية رودني كينغ (Rodney King) من قبل مجموعة من رجال شرطة لوس أنجلوس.

جانب من الحرائق بلوس أنجلوس عام 1992 جانب من الحرائق بلوس أنجلوس عام 1992

وتزامنا مع تبرئة رجال الشرطة المتهمين بارتكاب الجريمة، اندلعت شرارة أعمال العنف التي كانت عواقبها وخيمة وتطلبت تدخل الجيش للسيطرة عليها.

إلى ذلك، شهدت فترة الثمانينيات تزايدا في نسب البطالة وارتفاعا في مستوى تجارة المخدرات وأعمال العصابات والعنف بالأحياء الفقيرة بلوس أنجلوس.

وأمام هذا الوضع، ردّت شرطة المدينة بقبضة من حديد في سعي منها لفرض الأمن واعتقال المطلوبين للعدالة لتتسبب في تزايد العداء بين الأمنيين والمدنيين بلوس أنجلوس وقد تجسّد ذلك من خلال مناوشات عديدة شهدتها تلك الفترة بين الطرفين وتسببت أحيانا في سقوط ضحايا.

جانب من الخراب بلوس أنجلوس عام 1992 جانب من الخراب بلوس أنجلوس عام 1992

ويوم 3 آذار/مارس 1991، كانت المنطقة على موعد مع حدث صعّد الأزمة بلوس أنجلوس. فعقب فراره من رجال الشرطة ومطاردته باستخدام السيارات، توقف رودني كينغ وسلّم نفسه.

وتزامنا مع إلقاء القبض عليه، انهال رجال الشرطة ضربا على هذا الرجل ذي الأصول الإفريقية وتسببوا له في كسور وإصابات بليغة عند مستوى الرأس واليدين.

صورة لإحدى عربات الحرس الوطني بلوس أنجلوس صورة لإحدى عربات الحرس الوطني بلوس أنجلوس

وبمحض الصدفة، صوّر المواطن الأميركي جورج هوليداي المقيم بمنطقة لايك فيو (Lake View) أطوار حادثة الاعتداء على رودني كينغ ونقلها نحو إحدى القنوات المحلية لينتشر بذلك فيديو الاعتداء ويثير موجة استياء وغضب بكامل أرجاء الولايات المتحدة الأميركية.

يوم الخامس عشر من نفس الشهر، اتهم أفراد الشرطة الذين ظهروا بالفيديو بممارسة العنف الجسدي ضد رودني كينغ وقد تزامن ذلك مع واقعة أخرى أثارت سخط ذوي الأصول الإفريقية بالمنطقة حيث عمد صاحب متجر كوري لقتل فتاة من السود تدعى لاتاشا هارلينز (Latasha Harlins) بعد اتهامها بالسرقة.

وخلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر من نفس السنة، أصدر القضاء عقوبة مخففة على صاحب المتجر الكوري مثيرا بذلك سخط ذوي الأصول الإفريقية بالمنطقة.

صورة لعملية احتراق أحد المتاجر بلوس أنجلوس صورة لعملية احتراق أحد المتاجر بلوس أنجلوس

ويوم 29 أبريل/نيسان 1992، صدر حكم ثان بتبرئة رجال الشرطة المتهمين بالاعتداء على رودني كينغ لتندلع على إثر ذلك احتجاجات سرعان ما تحولت لأعمال عنف ونهب طالت مرافق عديدة بلوس أنجلوس.

على حسب مصادر تلك الفترة، هاجمت الجموع الغاضبة عددا من السكان البيض والآسيويين وسحلوهم بالشوارع واتجهوا لإحراق العديد من المباني ونهبوا المتاجر كما عمدوا لمهاجمة مركز الشرطة بباركر سانتر وأجبروا رجال الأمن على التراجع.

وخلال اليوم التالي الموافق للثلاثين من أبريل/نيسان 1992، تعطلت المواصلات بلوس أنجلوس وأغلقت المدارس ومراكز البريد أبوابها بالتزامن مع إعلان حاكم كاليفورنيا حالة الطوارئ واستدعاء مزيد من القوات.

صورة لعدد من أفراد الحرس الأميركي بلوس أنجلوس صورة لعدد من أفراد الحرس الأميركي بلوس أنجلوس

من جهة ثانية، افتقرت لوس أنجلوس بشكل تدريجي للمواد الأساسية واضطر الأهالي للانتظار ساعات للحصول على الطعام والمحروقات. فضلا عن ذلك، تسلّح أصحاب المتاجر الكورية بالبنادق وعمدوا خلال أكثر من مرة لإطلاق النار على الجماهير الغاضبة لحماية ممتلكاتهم.

يوم 1 أيار/مايو 1992، ظهر الرئيس الأميركي جورج بوش الأب على شاشة التلفاز فأدان حالة الفوضى وعنف رجال الشرطة تجاه المدنيين وأمر بإرسال الآلاف من قوات الحرس والجنود إلى لوس أنجلوس لإعادة الأمن إليها.

صورة لرودني كينغ عقب تعنيفه صورة لرودني كينغ عقب تعنيفه

وخلال اليوم التالي، تدخل 6 آلاف من أفراد الحرس الوطني مدعومين بنحو 4 آلاف من قوات الجيش والبحرية بلوس أنجلوس وتمكنوا تدريجيا من إعادة الأمن للمدينة.

أيضا، أقدم العديد من المتطوعين على تنظيم حملة لتنظيف لوس أنجلوس من مخلفات الفوضى كما نجح رجال الشرطة في استعادة جانب من الأملاك المنهوبة.

ويوم 4 أيار/مايو من نفس السنة، أمر عمدة لوس أنجلوس برفع حالة الطوارئ لتستعيد بذلك المدينة جانبا من حياتها الطبيعية حيث فتحت المدارس ومراكز البريد أبوابها واستعادت حركة المواصلات عافيتها.

جانب من أعمال العنف بلوس أنجلوس جانب من أعمال العنف بلوس أنجلوس

أسفرت أعمال الشغب التي استمرت ستة أيام بلوس أنجلوس عام 1992 عن مقتل 63 شخصا وإصابة ألفين آخرين واعتقال أكثر من 12 ألفا من مثيري الفوضى، كما قدرت الخسائر المادية بنحو مليار دولار وتضررت 3 آلاف مؤسسة ليجد بذلك ما بين 20 و40 ألف شخص أنفسهم عاطلين عن العمل بالأيام التالية.

من جهة أخرى، انتقد كثيرون دور رجال الشرطة في التعامل مع أعمال الشغب واستخدام العنف ليعرف بذلك قسم الشرطة بلوس أنجلوس تحويرات وإصلاحات طيلة السنوات التالية ساهمت تدريجيا في تحسين صورته لدى المواطنين.

صورة للرئيس جورج بوش الأب صورة للرئيس جورج بوش الأب

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى