أخبار عاجلة

مأساة شقيقين من غزة.. عذاب الحياة في القطاع

مأساة شقيقين من غزة.. عذاب الحياة في القطاع
مأساة شقيقين من غزة.. عذاب الحياة في القطاع

من التفكك الأسري إلى التشرد والنوم في الشارع، بيع يحيى لتجار الأعضاء البشرية، وقطعوا لسان عبود بالمقص، لم يستجب لهما أحد، فانتحر يحيى حرقاً وظل عبود يروي الحكاية.

هذه قصة حقيقية لأخوين يتيمين من قطاع غزة، انتهت فصولها مع إعلان مستشفى الشفاء عن وفاة الأخ الأكبر يحيى كراجة، متأثرا بحروق شديدة بعد إقدامه على الانتحار في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقبل وفاته بأيام، انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للشاب يحيى وهو على سرير المستشفى ويقول: "أنا لم أنتحر ولم أحرق نفسي، وإنما انفجرت، حسبي الله ونعم الوكيل على من كان يستطيع مساعدتنا وتخلف عن ذلك".

"العربية" التقت مع عبود كراجة الأخ الأصغر ليحيى لفهم ما جرى مع أخيه طيلة السنوات الماضية وكيف انتهى به الحال إلى الانتحار.

عاش عبود ويحيى في كنف أمهما في الأردن، بينما كان الأب، الدكتور عبد القادر كراجة، يعمل أستاذا جامعيا في جامعة الأقصى في قطاع غزة. انفصل الزوجان وقرر الأب إحضار ولديه إلى قطاع غزة، ولكن بعد عامين مات الأب، وهنا بدأت الحكاية.

يقول عبود كراجة: "تُركنا مع وصي لنا في قطاع غزة، وكنا أنا وأخي في سن المراهقة، ولم نجد من يرعانا رعاية حقيقية، فتلقفنا الشارع وعالمه السفلي، وتخلى عنا الأقرباء والأصدقاء، وصرنا أنا وأخي نهيم على وجهنا في غزة، فقدنا أموالنا وما خلفه أبي لنا، وبتنا بلا معيل ولا رب أسرة، وحدثت خلافات عائلية كثيرة بيننا وبين أقربائنا".

مأساة إنسانية

عام 2009 حاول يحيى الهروب من غزة، فوجد نفسه فريسة سهلة لتجار الأعضاء البشرية، نُقل عبر الأنفاق من غزة إلى سيناء والقاهرة، وظل هائما على وجهه عاماً ونصف العام، ولم يتمكن تجار البشر من الاستفادة من أعضائه بسبب وجود خلل هرموني عنده ومشكلة في النمو، وهكذا عاد يحيى إلى قطاع غزة، بينما كان عبود بلا مأوى وينام على شاطئ البحر يوميا.

وواجه عبود أثناء غياب أخيه مصاعب جمة، وتعرض لتعذيب شديد من بعض العائلات والمجموعات نتيجة خلافات، وتم قطع لسانه بالمقص، واختطف لأكثر من 20 يوميا، وتعرض لأصناف مختلفة من التعذيب، مثل تكسير يديه بالمطرقة.

قرر الأخوان عبود ويحيى العيش حياة طبيعية في قطاع غزة، لكن الظروف عاندتهما بشدة، استمرا في النوم في العراء من مكان إلى آخر، تحت المطر وفي البرد القارص، وظهر يحيى في مقطع فيديو يحمل لافتة ويناشد حكومة حماس في غزة والرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يجد له ولأخيه مأوى يحميه من برد الشارع وألمه، ولكن كل تلك المناشدات لم تفلح.

يقول عبود لـ"العربية": "أصيب أخي بمرض في العظام، ولم تعد مفاصله تقوى على حمله، وأمضى عامه الأخير يسير على عكازين، طرقنا الكثير من الأبواب للمساعدة ولكن دون جدوى، وفي يوم من الأيام قال لي أخي: اسمع يا عبود، يبدو أنه لا يوجد متسع لكلانا في هذه الحياة، يجب أن يموت أحدنا من أجل أن يعيش الآخر بكرامة".

وأضاف: "أقدم يحيى على حرق نفسه، حيث شاهده الناس وقاموا بتصويره وهو ينتحر حرقا، ولكن كتب الله له أن يستفيق من غيبوبته بعد 15 يوما من إقدامه على الانتحار، حيث طلب مني أن أسامحه وأخبرني أنه لم ينتحر وإنما انفجر غضبا على حاله ومصيره الكئيب".

وظلت قصة يحيى مجهولة إلى أن أعلن الأطباء عن وفاته، حيث بدأ الناس يتداولون قصة هذين الأخوين في قطاع غزة، ومصير عشرات الأشخاص الذين قد يلقون النهاية ذاتها.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى