أخبار عاجلة
7 جرحى بحادث سير -
وزير الصناعة: لا خلاف شخصيا مع جدعون -
بالصّور- أبٌ يرمي أولاده! -
بالصور: انطلاق قوافل العودة الطوعية للنازحين -
المفاوضات مع هوكشتاين قطعت شوطًا كبيرًا -

جوسلين خويري رحلت ... لكن بندقيتها لن تصدأ

من لم يسمع عن جوسلين خويري المقاتلة الكتائبية، يوم لم يكن في الساحة سوى الكتائب؟ ومن لم يسمع عن بطولاتها يوم عزّت البطولة؟ ومن لم يسمع عن تقواها وتكريس حياتها للرب وخدمة مشاريعه في الإنسانية المعذّبة؟ ومن لم يسمع عن ألمها المبرح يوم أصيبت بمرض لم يرحم تاريخها ونضالها وقدسيتها؟ 

كثيرون ممن عرفوا جوسلين عن قرب يبكون اليوم. وكثيرون ممن لم يعرفوها بل سمعوا عنها يبكون أيضًا. 

رحلت جوسلين ولم ترحل. فبقدر ما هي بعيدة اليوم هي قريبة من جميع الذين أمنوا بقضية، أي قضية، ودافعوا عنها ببسالة وشرف وتعفف وإستقامة حتى إستحق كثيرون منهم لقب الشهادة، وقد تكون جوسلين خويري واحدة منهم، وإن لم تسقط في ساحات الوغى. 

كثيرات من ابناء الوطن، إلى أي طائفة إنتموا، وإلى أي حزب أو تيار إنضووا، يشبهن جوسلين في نضالهن وفي إيمانهن بالقضية التي تستأهل أن يموت الإنسان دفاعًا عنها. 


جوسلين نسخة عن كل من آمن بعقيدة ما وإلتزم بها، وهي التي كسرت، كما كثيرات، نمطية الذكورية في حمل السلاح والدفاع عن الوطن الذي حلمن به، والذي من أجله رخصت التضحيات، فكنّ كالرجال عندما دقّ النفير، بل أفضل منهم بكثير، لأنهن قاتلن بشرف وخضن المعارك ببسالة وأنسحبن من الميدان يوم رأين كيف تُستخدم الشعوب الضعيفة وقودًا في محارق الكبار، الذين لا يحسبون أي حساب لحياة الأشخاص المومنين، عن حقّ، بقضية مقدسة، وقد تكون الدوافع هي نفسها في كل ساحة وفي كل زمان. 

جوسلين خويري آمنت بقضيتها وقاتلت من أجلها، ولكنها تعلمّت من تجربتها الأنثوية في معارك الرجال كيف تكون البطولة ومتى تكون. 

إنسحبت إلى التأمل والصلاة وكرّست كل ما تبقى من حياتها للصلاة من أجل الآخرين، وحلمت بوطن لا يسوده الحقد ولا تقوده الغرائز ولا تعميه الطموحات الشخصية، حلمت بوطن لا يجوع فيه ابناؤه ولا يموت فيه الفقير أمام باب مستشفى، حلمت بوطن السلام، بوطن مثالي على صورتها، بوطن تكون فيه القضية جامعة لا مقسّمة، بوطن يفخر الإنسان بالإنتماء إليه. 

جوسلين أنجزت الكثير قبل أن ترحل، وقبل أن يعصرها الألم، وأهم ما انجزته أنها كانت دائمًا في سلام مع نفسها ومع الآخرين، الذين إعتقدت يومًا إنهم غير ما أكتشفتهم على حقيقتهم يوم عادت إلى ذاتها وإلى ربها بصفاء الضمير. 

ستبقى صورة جوسلين المقاتلة التي حُفرت في أذهاننا وهي تحمل البندقية وكأنها تقّبلها بعيدة عن التشويه والتزوير، وستبقى، كما كانت دائمًا، رمزًا من رموز النضال الإنساني. رسمت دربها وأختارته عن قناعة. 

 رحلت جوسلين بعدما عصرتها الالآم التي لا تُحتمل، رحلت إلى حيث آمنت بأن المكان الذي ستذهب إليه أجمل وابهى بكثير من عالمنا الزائل، رحلت لملاقاة وجه من إنتظرته سنين ليست بطويلة. 

رحلت جوسلين خويري لكن بندقيتها ستبقى محفورة في وجه التاريخ غير المشوه ، وستبقى مسبحة صلاتها شاهدة على عمق إيمانها. 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى ترجيح الخيار الرئاسي الثالث يتصدر جدول أعمال “الخماسية”

معلومات الكاتب