وعليه، فإن الأسباب وراء تأخير طرحها على طاولة مجلس الوزراء لم تعرف، علما ان المعنيين يدركون أن المالية العامة تحتاج إلى موازنة من شأنها ان تحدد واردات الدولة وما يترتب عليها من نفقات؛ هذا فضلا عن أن إقرار الموازنة يبقى المدخل الأساس لوضع جدول بأولويات مشروعات مؤتمر سيدر، وانطلاقا من ان بعثة صندوق النقد الدولي التي تواصل لقاءاتها مع المسؤولين اكدت ضرورة اقرار الموازنة مع تخفيض عجزها وضرورة العمل على إيجاد إيرادات جديدة للدولة والتشديد على ضرورة احترامها اثناء التطبيق.
من حيث المبدأ انقضت المهل الدستورية الأصلية لإقرار موازنة العام 2019 في آخر العام 2018 والمهلة الاستطرادية في آخر شهر كانون الثاني من العام الحالي، يقول الخبير الدستوري والقانوني عادل يمين لـ"لبنان24" إلا أن هذه المهل ليست مهل إسقاط بحيث يبقى بإمكان الحكومة إقرار مشروع الموازنة وإحالته بموجب مرسوم رئاسي على مجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه، إلا أن التأخر في إقرار الموازنة بطبيعة الحال ليس حميدا ولا مرغوبا فيه لأن جزءا من غاية الموازنة يفقد جدواه مع تقدم أشهر السنة، فضلا عن تأثير التأخير على الثقة العامة.
ولكن من المحتمل، وفق يمين، أن يكون التأخير عائدا إلى استكمال مشروع قطع الحساب وهو مشروع ضخم ومعقد حتى يسبق الموازنة من جهة وإلى انكباب الوزراء إلى التعرف على وزاراتهم والتحقق من حاجياتها قبل وضع الموازنة من جهة ثانية والى رغبة الحكومة في إنجاز بعض الأعمال المستعجلة والتعيينات قبل الدخول في مسألة الموازنة من جهة ثالثة.
وإذا كان الضعف المزمن في إقرار الموازنة في لبنان يكمن في أنها تتضمن عرضأ وصفيا للنفقات وللمداخيل من دون عرض تحليل ومن دون رؤية اقتصادية ومالية، أي تغيب عن الموازنة الفلسفة التي تحكمها وتجعل منها أحد أدوات تحقيقها، فإن يمين، يتوقع بقوة أن تختلف الموازنة العتيدة التي يفترض أن تكون إصلاحية عن مثيلاتها السابقات لأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أطلق الدعوة إلى المقاومة الاقتصادية ويضع في أولوياته تحريك وتنشيط الوضع الاقتصادي وتصحيح الوضع المالي، ولأن ثمة خطة عرفت بخطة ماكينزي يفترض أن تشكل خلفية الموازنة ، فضلاً عن العيون الدولية على لبنان من خلال مؤتمرات الدعم، معتقدا أن التواصل قائم بين لبنان ودول الدعم على نحو استبعد أن يكون هناك مشكلة في هذا الخصوص إلا إذا طال التأخير كثيرا.