بين موسكو وبروكسل.. المعابرُ أصدق أنباء من الوعود والأرقام ​

بين موسكو وبروكسل.. المعابرُ أصدق أنباء من الوعود والأرقام ​
بين موسكو وبروكسل.. المعابرُ أصدق أنباء من الوعود والأرقام ​

تزامنُ تعميم وزارة الداخلية السورية بشأن تسهيل عودة من يريد من النازحين السوريين إلى "حضن الوطن" بدلاً من إحالتهم على الأجهزة الأمنية، مع زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى موسكو، وملف هؤلاء في صميمها، ليس مصادفة، ولا ينبغي له أن يكون!! فلا الروس ولا النظام السوري يتركون مثل هذه الأمور للصدف.

 بحسب ما عُمّمَ من معلومات عن زيارة موسكو فإن من أبرز نتائج محادثات الرئيس عون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتمثل في الاتفاق على تفعيل العمل اللبناني– الروسي– السوري المشترك لتسهيل عودة النازحين، وأن ثمة خطوات ملموسة عدة ستبرز في المرحلة المقبلة. وكل ذلك يعيد التأكيد بمركزية الدور الروسي في الشأن السوري ككل، وفي أزمة النازحين بشكل خاص، خصوصاً وأن المبادرة الروسية لحظت تفاصيل كثيرة حول عددهم وآليات عودتهم ومراكز الإيواء وغيرها، لكن ما يحول دون تحوّلها إلى واقع هو أن تنفيذها يتطلب ما هو أبعد من الموقف السياسي أو الضمانات السياسية أو عدم ربط العودة بالحل السياسي المرتجى، بل تحتاج إمكانات مادية لإعادة الإعمار وتسهيل حياة العائدين ولو بالحد الأدنى وهو أمر لم يتحقق بسبب عدم الحماسة الغربية، الأوروبية تحديداً لتمويل المبادرة، وفوق كل ذلك تحتاج المبادرة الروسية أيضاً شرعية دولية لا تزال تفتقد إليها، وكل ذلك يَشي بأن الأمور لن تكون سهلة أو بسيطة أو حتى سريعة.
 

وكان لبنان قدّم مقاربة في "مؤتمر دعم سوريا والمنطقة" (بروكسل-3) عبّر عنها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مؤكداً على وجوب تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته والقيام بدوره إزاء قضية النزوح السوري من خلال ابتكار حلول خلاقة لعودة النازحين، وطالب بدعم المجتمعات المضيفة كونها تتحمل مباشرة تأثيرات النزوح الاقتصادية والاجتماعية، مع التركيز في الوقت عينه على النقطة الأساس التي وردت في البيان الوزاري لناحية الاشارة إلى أنه لا حلّ لأزمة النازحين إلا بعودتهم إلى سوريا.

القاسم المشترك بين الكلام اللبناني في موسكو وفي بروكسل هو أنّ لبنان صغير المساحة ولا يتحمل هذا العدد الكبير من النازحين، ثم إنّ أوضاعه الاقتصادية وبناه التحتية لا تتحمل، لكن الصحيح أيضاً أن وجود هؤلاء ليس سبباً للأزمة الاقتصادية في لبنان، وقد يكونوا سبباً للعكس، فالإنفاق الدولي على النازحين وإنفاقهم هم على شؤونهم شكّلَ ويشكلّ دخلاً مهماً للبنان منذ ثماني سنوات (أما مخاوف التوطين فلزوم المناكفات اللبنانية التي لا تنتهي)، وما بين مواقف موسكو وأرقام بروكسل، يبقى الاعتبار لما ستسجله المعابر من أعداد العائدين، فالعودة، سواء أكانت طوعية أو آمنة أو أخواتها، تحتاج شرطين: صون الروح وحفظ المِلك. وهذا الحدّ الأدنى لأي مقاربة تتماشى مع القانون الإنساني الدولي، وهذا الشرطان غير متوفرين حالياً بسبب عدم رغبة النظام بالعودة وليس لأي سبب آخر، ذلك أن النظام في سوريا ساعة يريد، لو أراد، تسهيل عودة من تسبّب بتهجيرهم أو من أوعز إليهم بالانتقال إلى لبنان خلال الحرب لأسباب لا يعرفها إلا هو، فإنه يستطيع فعل ذلك ولا شيء يمنعه.

في كلام الأرقام أعداد يقدمها دورياً الأمن العام عن حجم العائدين، وأرقام أخرى تصدرها الهيئات الدولية المعنية، وهي جميعها دون المرتجى، إذ إن عودة هؤلاء الفعلية تحتاج إلى عرضٍ من النظام في دمشق أو إلى ضغط عليه للقبول بعودتهم، وهو لا يريد حتى الآن عودتهم، لأنه يريد قبل العودة الموعودة عودةَ العلاقات معه.. وما عدا ذلك تفاصيل.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى ترجيح الخيار الرئاسي الثالث يتصدر جدول أعمال “الخماسية”

معلومات الكاتب