هذه الاسباب سرعت مصالحة الجبل.. وهدف جنبلاط مصالحة مسيحية

تحت عنوان هذه الاسباب سرعت مصالحة الجبل.. وهدف جنبلاط مصالحة مسيحية، كتبت ابتسام شديد في "الديار": لم يكن المشهد السياسي الجامع في دير سيدة التلة حدثا عابرا، فهو بالاساس لطي صفحة سوداء من تاريخ الحرب اللبنانية واقفالها نهائيا للانطلاق الى مرحلة اخرى مختلفة، خصوصا ان الخلافات السياسية بين اطراف بقيت قائمة ولم تحصل المصالحة بشكل كامل وقد كشفت الانتخابات النيابية الاخيرة حجم التباعد في مختلف الميادين والعناوين السياسية. 

وفق اوساط سياسية درزية في الجبل، يمكن القول ان قداس الجبل الاخير يمثل جسر عبور الى مرحلة جديدة، اذ لم يكن المطلوب اخذ صورة تذكارية فقط، بل قلب الصفحة فعليا وقد طويت الصفحة بالكامل بين المسيحيين والدروز في هذا الاعتذار "الكبير"، هو ايضا يشكل نقلة نوعية ويساهم في ترسيخ العيش المشترك في الجبل المسيحي والدرزي ويزيل هواجس كما يعطي حوافز اضافية للعودة الى القرى المسيحية.

لقاء الجبل سرعت خطواته ظروف ومعطيات معينة، فرئيس الجمهورية بعد تشكيل الحكومة والدور الذي اداه في التسوية الدرزية، بات يرتاح الى التقارب اكثر من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، ويريد ميشال عون اليوم حماية العهد من الخصومات السياسية وتقليصها الى الحدود القصوى من اجل تأمين الإستقرار وإطلاق مسيرة وعجلة الدولة والانصراف الى اولويات موضوع النازحين ومعالجة الضغوطات الاميركية ضد حزب الله والاملاءات الاميركية في الداخل اللبناني والتي تصب لصالح العدو الاسرائيلي.
في الحسابات الاشتراكية، فان خطوة من هذا النوع تشكل عاملا مريحا تعيد ترتيب العلاقة المسيحية - الدرزية، فالخلافات المحيطة بالزعامة الدرزية سواء المتأتية من داخل البيت الدرزي او مع الخصوم اتعبت الزعامة الجنبلاطية، ويبدو ان رئيس الجمهورية يحاول من فترة الدخول على خط ترتيب الوضع الدرزي وانهاء خلاف جنبلاط ورئيس حزب التوحيد وئام وهاب والنائب طلال ارسلان، وثمة رغبة رئاسية بإنهاء هذا الخلاف وقد فاتح وزيري الحزب الاشتراكي وائل ابو فاعور وأكرم شهيب عندما زاراه بهذه الرغبة قبل ان تتضح ان ظروف حل انهاء خلاف الشويفات خاضع لشروط من قبل الطرفين الدرزيين.

ان رئيس الحزب الاشتراكي بعد الانتخابات النيابية وما افرزته من احجام بات امام واقع الاعتراف بالشركة المسيحية في الجبل، فانتخابات أيار الماضي وفقا للنظام النسبي لم تكن عملية سهلة بالنسبة للزعيم الاشتراكي الذي كان يملك الحل والربط في كل تفاصيل وقرى وبلدات الشوف وعاليه. اضف الى وزيرين من منطقة الجبل للنازحين والمهجرين قادرين على التحكم بعملية الخدمات ومنافسة الزعامة الجنبلاطية.

يعتبر القداس تكملة لمصالحة الجبل التاريخية عام 2002 برعاية البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، وهذا ما يفسر غياب المكونات السياسية الاخرى حيث تعتبر القوات انها انجزت دورها في المصالحة الدرزية، وان لا علاقة لهم في مصالحة اليوم.

مبادرة وليد جنبلاط خطوة جريئة وحصيلة لقاءات كثيرة حصلت مؤخرا وهي في توقيت بالغ الدقة من زيارات اميركية وضغوط على اللاعبين على الساحة وكانت المختارة انهت الاسبوع الماضي الاحتفال بذكرى الراحل الشهيد كمال جنبلاط بحضور سياسي لافت لـ14 آذار واطلاق مواقف حادة من النظام السوري وتحييد حزب الله.

القداس ينهي حقبة الخلاف القوي ويختم جرح الجبل، لكن القضايا الخلافية باقية في ملف النازحين السوريين والملفات الداخلية، وان كان جنبلاط يفضل مؤخرا التهدئة والمساكنة مع الجميع وعلى وجه الخصوص مع رئيس الجمهورية، فجنبلاط قارىء جيد للتطورات وكاشف وخبير للمواقف الدولية، عاد قبل فترة الى واقعه واضعاً أحلامه بتغيير النظام جانباً، كما انه يتقصد في لقاءاته الديبلوماسيين افهامهم ان حزب الله من النسيج اللبناني ويصعب الغاؤه وشطبه من المعادلة.