ومع ان أحداً لا يريد النقاش في صلاحيات رئيس الجمهورية بما قد يوحي باي محاولة للحدّ منها، فان الاوساط نفسها لفتت الى ان ذلك لا يعني في المقابل تجاهل خطورة التمادي تكرارا في تفسيرات واجتهادات مغالية للطائف والدستور بما يشكل مشروع توتر ونزاع لا ضرورة لهما ولا جدوى منهما. فتجربة تشكيل الحكومة لا تزال طرية والمسائل المتعلقة بالصلاحيات غالباً ما كانت مؤشراً سلبياً ساهم في تأخير ولادة الحكومة وزاد حالة الشكوك بين المراجع والقوى السياسية. واذا كان الحريري لزم الصمت طوال النقاش الذي حصل في جلسة مجلس الوزراء تجنباً لزيادة الاجواء المتشنجة، فقد استرعى الانتباه ان الاوساط القريبة منه لم تفتها الاشارة لاحقا تعليقاً على ما جرى الى ان نص الدستور واضح لجهة اناطة السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء مجتمعا وهو الذي يرسم السياسة العامة للدولة في كل المجالات.
اما الاوساط السياسية المعنية بمراقبة هذا المسار، فاستغربت توقيت نشؤ مسائل واشكاليات عبثية لا طائل منها ولا تؤدي سوى الى التشويش على انطلاقة الحكومة التي يرصدها وينتظرها باهتمام الرأي العام الداخلي والاسرة الدولية من أجل تبين وسائل ترجمة تعهدات الحكومة والشروع في تنفيذ المشاريع الحيوية التي يحتاج اليها لبنان. واضافت ان أحداً لا يجد تفسيراً منطقياً لاشغال الحكومة بمعارك صغيرة وهي على مشارف الاقلاع وكأنه اول غيث الجيل الجديد من التعقيدات، وكأن هناك نية لوضع العصي في الدواليب سلفاً. ولذا سيكون من المثير للاهتمام رصد الايام القريبة لمعرفة ما اذا كانت مشاورات ستجرى لاعادة لملمة الانطلاقة الحكومية بصرف النظر عن التباينات الطبيعية بين مكوناتها وضمنا الحؤول دون خطوات واجراءات من النوع الذي يستحضر التوترات في الجلسات مع ضمان الحفاظ على ديموقراطية النقاشات ومنع الاستئثار السياسي من التحكم باي اتجاهات وزارية.