ولهذه الأسباب مجتمعة لن ينجرّ الرئيس الحريري - بحسب المصادر الوزارية نفسها - إلى سجال لا لزوم له، ويمكن أن يعيق ترتيبه لأولوياته، ويؤخر التحضير لوضع لبنان على سكة الإفادة من "سيدر" الذي يمنحه "الفرصة الأخيرة للنهوض بالوضعين الاقتصادي والاجتماعي؛ خصوصاً أن هذه الفرصة قد لا تأتي لاحقاً"، بحسب رأي المصادر ذاتها.
ولذلك، مَن يراقب حالياً المسار العام لسلوك الحريري سرعان ما يكتشف أنه يفضّل الصمت لئلا يقحم نفسه في اشتباك سياسي لا مبرر له، وهو يمارس الآن سياسة الصبر، ليس لأنه لا يملك ما يقوله حيال الخروق التي تصدر عن هذا الوزير أو ذاك، بمقدار ما أنه يحرص على حصر اهتمامه في التوجّه إلى الدول المانحة والمؤسسات والصناديق المالية التي كانت وراء إنجاح مؤتمر "سيدر" بغية تمرير رسالة "عنوانها الوحيد أن لبنان أخذ على عاتقه أن يساعد نفسه كأساس لاستجابة المجتمع الدولي لخريطة الطريق لإنقاذه، لأن الهيكل إذا سقط لا سمح الله سيسقط على رؤوس الجميع بلا استثناء".
وفي هذا السياق، يسأل بعض الأوساط عن الأسباب الكامنة وراء إصرار الحريري على عدم الدخول في سجالات مع وزراء في حكومته يرون أن لا حل لعودة النازحين السوريين إلى ديارهم إلا بالحوار المباشر مع النظام في سوريا، وأن على لبنان أن يبادر إلى تطبيع العلاقات معه، لأن سوريا تقف الآن على عتبة الاستعداد لبدء إعادة إعمارها، وهذا ما يفتح الباب أمام الشركات اللبنانية لتكون شريكاً في هذا المجال.
وتجيب على هذين السؤالين مصادر وزارية، وتقول إذا كانت لدى النظام في سوريا القدرة والإمكانات لتأمين عودة النازحين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، فإن الحريري لن يقف عائقاً أمام عودتهم، وهو كان أول من تبنّى المبادرة الروسية لضمان عودتهم "لأنه يدرك الأعباء المالية والاقتصادية المترتبة على استضافتهم، والتي تفوق قدرة لبنان على تحمّلها في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها". وفي هذا السياق، تسأل المصادر: "إذا كان النظام في دمشق يتذرّع بأن تسريع عودة النازحين إلى سوريا يتطلب أولاً تطبيع العلاقات بين البلدين، فإن مثل هذه الذريعة تسقط تلقائياً مع تردّده في إعادة النازحين من الأردن ومصر، وهو يقيم مع هذين البلدين علاقات يقال عنها بأنها عادية وليست متوتّرة".
وتؤكد المصادر أن الحريري "باقٍ على موقفه لجهة سعيه إلى توفير كل ما هو مطلوب لإتاحة الفرصة أمام حكومته لتقديم أوراق اعتمادها إلى مؤتمر (سيدر)، في مقابل حرص بعض الأطراف في الحكومة على تجديد تقديم أوراق الاعتماد إلى النظام في سوريا، وهذا أمر طبيعي من وجهة نظرها". واعتبرت، من هذا المنطلق، أن زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، المحسوب على "محور الممانعة"، إلى دمشق "لا تحمل مفاجأة، وقد يكون الهدف منها المشاغبة على التحضيرات الجارية لانعقاد المؤتمر السنوي للنازحين في بروكسل، الذي سيمثل لبنان فيه الحريري على رأس وفد وزاري، لتمرير رسالة للمجتمع الدولي، يراد منها إشعاره بوجود موقفين من عودة النازحين، هما على نقيض ولا يلتقيان".
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا